التدوين
الشعراء الكتاب
المخطوطات
الشعرية
تحقيب الشعر
النبطي
كشف بالقصائد
القديمة ومصادرها
تحتل مسألة تدوين الشعر النبطي موقعا استراتيجيا
في قضية بحثنا عن علاقته بالشعر الجاهلي وعن
بداياته الأولى وعن انتقال الخطاب الشعري من
الفصيح إلى العامي. الدواوين المطبوعة والمصادر
المنشورة، العربية منها والأجنبية، قد تفيد القارئ
كمدخل أولي للشعر النبطي، وربما تفيده في فهم
معانيه وتفسير ما استغلق من مفرداته وفي تمثل
البيئة الطبيعية والاجتماعية التي استمد منها صوره
ومجازاته. أما إذا ما أردنا أن نبحث بحثا علميا
جادا عن تاريخ الشعر النبطي ونحدد نشأته ونتتبع
المراحل الفنية واللغوية التي مر بها فإنه لا
يمكننا الاعتماد كلية على ما تلفظ به المطابع من
دواوين الشعر النبطي لأنها، باستثناء القليل منها،
تزخر بالأخطاء الطباعية الفاحشة التي تحد من
قيمتها كمصادر لدراسة هذا الأدب. هذا بالإضافة إلى
أن المصادر المطبوعة لم تستوعب كل ما يتناقله
الرواة وكل ما هو مدون في المخطوطات، وغالبية ما
ينشر فيها من إنتاج شعراء النبط المتأخرين. إن
صرامة المنهج العلمي تقتضي منا في محاولاتنا تتبع
أوليات الشعر النبطي والبحث عن بداياته وعلاقته
بالشعر العربي القديم أن ندعم مصادرنا الشفهية،
وكذلك المطبوعة، بالوثائق الخطية ما أمكن ونجدّ في
البحث عن أقدم الشواهد المخطوطة من الشعر النبطي
لأنه لا يحسم الخلاف مثل السند المكتوب. الرواية
الشفهية لوحدها وبدون دعم من سند خطي موثق لا يمكن
الركون إليها لأكثر من مئتي سنة أو ما يقارب ذلك.
لا مفر للباحث الجاد من التنقيب عن المصادر الخطية
والرجوع إليها.
الشعراء الكتاب
يتوهم بعض الباحثين ممن تناولوا الشعر النبطي
بالدراسة والتحليل أن شعراء النبط كلهم أميون لم
يكن لديهم أي المام بالقراءة والكتابة وأن
المشافهة كانت الوسيلة الوحيدة لذيوع الشعر النبطي
وانتشاره بين الناس. وحتى الآن لم يقم أحد من
الكتاب ببحث مدى انتشار التعليم بين شعراء النبط
ودوره في حفظ إنتاجهم وفي ربطهم مباشرة بتيار
الأدب العربي الفصيح عن طريق القراءة والاطلاع.
لذا يلزمنا في بداية هذا البحث أن نؤكد على أن كون
الشاعر ينظم باللغة العامية لا يعني بالضرورة أنه
لا يجيد القراءة والكتابة ولا يعني أنه لم يتصفح
كتب الأدب ودواوين الشعر العربي. بل إن من شعراء
النبط من كان على مستوى لا بأس به من التعليم.
وهناك العديد من الشواهد التي سنستعرضها في الفصول
القادمة والتي نستدل بها على أن نسبة لا بأس بها،
إن لم تكن الغالبية العظمى، من شعراء النبط
القدامى كانوا يجيدون القراءة والكتابة والبعض
منهم كانت له محاولات للنظم بالفصيح، بل ربما يكون
السبب الرئيسي في بقاء ما تبقى لنا من قصائد هؤلاء
هو قدرتهم على كتابتها وحفظها من الضياع
والاندثار.
يلاحظ أن ما وصلنا من قصائد شعراء النبط القدامى
كأبي حمزة العامري وشعراء الدولة الجبرية تشوبها
مسحة من الفصاحة مما يجعلها تبدو أقرب إلى الشعر
الفصيح من القصائد التي نظمها شعراء النبط
المتأخرون. وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى هذه
القصائد القديمة كنماذج تمثل مرحلة انتقال لغة
الشعر من الفصحى إلى العامية. وسوف نستعرض لاحقا
مختلف الأدلة والقرائن اللغوية والتاريخية التي
تسند هذه الفرضية وتعززها. السياق التاريخي
واللغوي يقودنا إلى افتراض مرحلة وسطى مرت بها لغة
شعر البادية العربية في طور الانتقال من الفصحى
إلى العامية والتي تمثل بدايات الشعر النبطي.
ومع تسليمنا بهذه الفرضية على الصعيد النظري إلا
أن هنالك بعض الاعتبارات التي تملي علينا قدرا من
الحيطة على الصعيد التطبيقي لأن مسحة الفصاحة التي
تبدو لنا في بعض نماذج الشعر النبطي القديم تحتمل
أكثر من تفسير. لا بد أولا من الاعتراف بأننا لا
نعرف شيئا ذا بال عن هؤلاء الشعراء ولا عن أوضاع
العصور التي عاشوا فيها مما يجعل الباحث في حيرة
ويثير في ذهنه تساؤلات كثيرة. هل هم من شعراء
الحاضرة أم من شعراء البادية؟ هل هم متعلمون أم
أميون؟ هل الفصاحة التي تشوب شعرهم فصاحة بالفطرة
مردها ترسبات العصر الفصيح وآثاره العالقة أم أنها
تفاصح ومحاولات بائسة لمجاراة الشعر الفصيح؟ ومما
يزيد في حيرة الباحث ملاحظة قدر من التفاوت في
الفصاحة بين إنتاج شاعرين متعاصرين، بل حتى إنتاج
الشاعر الواحد. وربما وجدنا إنتاج شاعر نبطي متأخر
أفصح من إنتاج شاعر آخر جاء قبله. من المرجح أن
بعضا من الشعراء القدامى الذين وصلتنا أشعارهم
نالوا قسطا من التعليم ومن غير المستبعد أنهم
كانوا يحاولون في نظمهم مجاراة الشعر الفصيح لكن
درجة تمكنهم من الفصحى تقصر بهم عن الإجادة فيها
فتتسرب إلى نظمهم المفردات والتراكيب العامية،
تماما مثلما تتسرب إلى كتابات من جاء بعدهم من
العلماء والمؤرخين مثل الفاخري والمنقور وابن
ربيعة وغيرهم من الذين يفترض أنهم وصلوا إلى أعلى
ما يمكن الوصول إليه من التحصيل العلمي المتاح لهم
في ذلك الوقت. وربما كان بعض هؤلاء الشعراء من
المتعلمين المتمكنين من قواعد العربية ويجيدون
النظم بلغة فصيحة مستقيمة لكنهم يحاولون تقريب
أشعارهم إلى مفاهيم جمهورهم من العامة وممدوحيهم
من الأمراء والمشائخ الأميين!
ويلاحظ على النماذج القديمة التي وصلتنا من الشعر
النبطي طولها المسرف. وليس من عادة الشعراء
الأميين وشعراء البادية الذين يعتمدون على الذاكرة
في الحفظ والمشافهة في الرواية التطويل في قصائدهم
ولا نجد المطولات عادة إلا عند المتعلمين من شعراء
الحاضرة، أو على الأقل من يتوفر لهم كتبة يدونون
قصائدهم. من المستبعد مثلا أن شاعرا مثل الخلاوي
الذي نظم من المطولات ما يربو على الألف بيت وتحوي
قصائده ما تحويه من علوم ومعارف في التصوف والفلك
كان شاعرا أميا شفهيا. كما يستبعد أن بركات
الشريف، أحد أمراء دولة المشعشعين، كان أميا. أما
في العصور المتأخرة فنحن نعرف أن جبر بن سيار
والهزاني وابن لعبون ومحمد العبدالله القاضي
وغيرهم نالوا حظا لا بأس به من التعليم؛ وهذا
برهان يقيني على أن النظم بالعامية لا يعني
بالضرورة أمية الشاعر.
هذا وتختلف العامية في نجد وبادية الجزيرة العربية
عن العامية في الحواضر والعواصم في أنها عامية
أمية شفهية لا تقتصر على طبقة معينة بل تتغلغل في
صميم المجتمع ومجمل خطابه السياسي والاجتماعي.
الجمهور الذي يخاطبه الشعراء أمي وكذلك الأمراء
والشيوخ الذين يرعون الشعر والشعراء مقابل مدحهم
وتخليد مآثرهم عاميون أميون. لذلك حتى لو فرض أن
الشاعر متعلم يجيد النظم بالفصحى فإن الطريق
الأقرب بالنسبة له من أجل التأثير على الجماهير
والولوج السريع إلى قلوب ممدوحيه هو النظم باللغة
التي يفهمونها وهي اللغة العامية. وكذلك علية
القوم لو قالوا شعرا فإنهم قائلوه باللغة التي
يجيدونها ويجيدها من حولهم وهي اللغة العامية، حتى
ولو فرض أنهم نالوا قسطا من التعليم. لو نظم
الشاعر المتعلم الذي يعيش في مجتمع أمي بالفصحى
التي يصعب على العامة فهمها فلن يجد من يستمع له
ولن تروج أشعاره بين الناس لذا ينصرف إلى النظم
بالعامية لكسب الجمهور ويضمن الرواج.
إضافة إلى هذه التساؤلات حول فصاحة النماذج
القديمة من الشعر النبطي فإن حفظها عن طريق
التدوين يفرض درجة عالية من الانتقائية. في مثل
هذه الأوضاع والظروف التي يندر فيها المتعلمون ولا
يتوفر فيها الكتبة إلا لدى الأمراء والشيوخ فإنه
لن يحظ بالتدوين إلا القصائد التي قالها هؤلاء أو
التي قيلت فيهم أو التي يقولها شعراء الحاضرة
المتعلمون. أما قصائد الشعراء الأميين في القرى
النائية وأعماق البادية، حيث لا كتبة ولا نساخ،
فإنها سرعان ما يطويها النسيان وتمحي من الذاكرة
الجماعية. لذا فإنه في غياب نماذج من الشعر الشفهي
الحقيقي الذي قاله شعراء أميون وتناقله رواة أميون
لا نستطيع القول بأن لدينا صورة واضحة ودقيقة
ومكتملة لبدايات الشعر النبطي وما كانت عليه لغته
أثناء المرحلة الانتقالية من الفصحى إلى العامية.
لو وصلنا شيئا من هذه الأشعار الشفهية لاستطعنا
الجزم بأن ما فيها من مظاهر الفصاحة مرده إلى
الفطرة والسليقة وليس إلى التعليم والدراسة.
هذه الاعتبارات، التي ينبغي أن تبقى دائما ماثلة
في ذهن الباحث، لا تدحض الفرضية القائلة بأن اللغة
الشعرية في بادية الجزيرة العربية مرت بمرحلة
انتقالية أثناء تحولها من الفصحى إلى العامية،
لكنها ربما تزعزع ثقتنا المطلقة بأن أي قصيدة
نبطية قديمة تشوبها مسحة من الفصاحة يمكن اعتبارها
من النماذج التي تمثل المرحلة الانتقالية بين
فصاحة اللغة وعاميتها على المستوى الجماهيري. فلو
تفحصنا مثلا إنتاج أبي حمزة العامرى لوجدناه أفصح
من شعر عامر السمين والعليمي والشعيبي. هل مرد ذلك
إلى أن أبا حمزة أقدم من هؤلاء وأقرب إلى عصر
الفصاحة؟ أم أن فصاحة شعره تعود إلى أنه أوفر علما
منهم بقواعد العربية!
كذلك المتأخرون من شعراء النبط كانوا متعلمين؛
نستدل على ذلك بما ورد من شواهد في أشعارهم وفي ما
جادت به المصادر من نبذ مقتضبة غاية الاقتضاب عن
حياتهم. يذكر المؤرخ حمد بن لعبون مثلا في تاريخه
أن ابنه الشاعر المعروف محمد بن لعبون "حفظ القرآن
وتعلم الخط وكان خطه فائقاً". أما شاعر عنيزة
الشهير محمد العبدالله القاضي فلقد كتب عنه أحد
أحفاده في مقدمة ديوانه أنه "حفظ القرآن وهو ابن
ثمان وقرأ الفقه على أحد علماء بلده ثم صار ميله
إلى الأدب والتاريخ. وله خط جميل كتب صحيح
البخاري". بالإضافة إلى هذه المعلومات الشخصية فإن
المتطلع إلى شعر ابن لعبون والقاضي والهزاني
وغيرهم من شعراء الحاضرة يشم فيه رائحة العفص
والزاج ويلاحظ عليه سمة الأدب والتأدب. فمثلاً
عندما يتهجى الشاعر في أبياته حروف بعض الأسماء أو
الكلمات فهذا دليل واضح على معرفته بحروف الهجاء
وقواعد القراءة والكتابة. ومن ذلك قول القاضي:
فكم أمسيت من بيت الترايب //
جضيعٍ له كما ألفٍ بلام
والبيت يكاد يكون تقليدا لقول الشاعر العربي:
إني رأيتك في نومي تعانقني //
كما تعانق لام الكاتب الألفا
ويقول ابن لعبون:
صغرت بعينك ياعظيم العظايم //
أصغر من النقطه حدر دارة الجيم
ويقول الهزاني:
ياركب لي بارسان روس المراسيل
// عوجوا مِقاوِدْهن الين ازن قافي
تحمّلوا ملفوظ منظوم ما قيل //
عَفْصٍ وْزاجٍ زجّ في صفح صافي
من ميم حا سينٍ ونونٍ بتسجيل
// بِمْنَمَّقٍ ما به عن الكل كافي
لى ميم حا ميمٍ بدال التماثيل
// أمثال من مثلي لمثلك وْلافي
وأحياناً يلمح الشاعر في أبياته إلى أنه كان يكتب
قصيدته بيده خلال عملية النظم. يقول محمد
العبدالله القاضي:
ياحي مكتوبٍ لفاني بشاره //
سجّل برقٍّ سِجّلت رجز الاسطار
ساعة بعيني جل حلو انتظاره //
طرقٍ تْنَمّق به غريبات الامثال
صحيت من خمر الهوى والسكاره //
واجريت زاجٍ فوق طرس الوطر سار
ويقول:
أحضرت لي من ناعم الطرس مصقول
// مزاج زاجٍ جاز حلو انتلاله
ويقول سليم بن عبد الحي:
سِرْ ياقلم من بين مفروض
الاصباع // بالزاج شرِّع واضح الطلح تشريع
والى نهرك القلب لِيّاك ترتاع
// كن خادمٍ في شوفة القلب ومْطيع
تراي ابكتب بك جوابٍ له انواع
// لو هو يثمّن بالدنانير ما بيع
في حب عمهوجٍ من البيض مِتْلاع
// طفلٍ غرامه مَزّع القلب تمزيع
وهنالك الكثير من الأمثلة التي تدل على أن شعراء
النبط -ولو أن السواد الأعظم منهم كانوا أميين- قد
وجد بينهم من كان لديهم قسط وافر من التعليم ومن
كان على اتصال مباشر بالأدب العربي والشعر الفصيح
عن طريق المطالعة والقراءة. فالقصائد المهملة التي
نظمها القاضي وابن لعبون والعوني وغيرهم لا تدل
فقط على أن هؤلاء الشعراء كانوا متعلمين (فأين
للشاعر الأمي أن يميز بين الحروف المهملة والحروف
المعجمة؟) بل هي تدل أيضاً على أنهم كانوا متأثرين
بالأدب الفصيح يحاولون تقليده ومجاراته حتى أن
بعضهم قد بالغ في استعمال المحسنات البديعية
والزخارف اللفظية.
ولقد تنبه لذلك خالد الفرج حيث يقول في مقدمة
ديوان النبط أن الهزاني "كانت له يد في الأدب
العربي، وليتها لم تكن، لأنه قلد أدباء عصره في
استعمال البديع وتزويق الألفاظ، ونسج الآخرون على
منواله، وأفسدوا روعة الشعر البسيط وسلاسته
وانسجامه، وظهر التكلف على ما نظموه. وتلاه ابن
لعبون فنسج على منواله، وبالغ في استعمال الجناس
والاستعارات البديعية، حتى أنه قلد الحريري والصفي
الحلي في نظم المهملات من النقط والمعجمات".
وبالإضافة إلى نظم المهملات واستعمال المحسنات
البديعية من تورية وجناس وطباق فقد تفنن شعراء
النبط في محاكاة الشعراء المولدين فرصعوا أشعارهم
وتكلفوا في استعمال التشريع، واللف والنشر المرتب،
وجناس القوافي، والجناس اللفظي كقول القاضي:
فِجا ما لجا بي داج في لاج
مهجتي // رجيته رجا رجوى رجا راج طاير
سلامٍ تسلسل من سلايل مسايل //
بالارسال سال بسرّ الاسرار ساهر
ولم يكتف شعراء النبط المتعلمون بمجاراة شعراء
الفصحى في استعمال المحسنات البديعية بل إنهم
اقتبسوا منهم بعض المعاني، فمثلاً قول القاضي في
الديار (كلمة قماش في الشطر الثاني تعني لؤلؤ):
احترت فيها كِنّني مذهبٍ لي //
جملة قْماشٍ فارطٍ ضاع بسهال
مأخوذ من قول المتنبي:
بليت بلى الأطلال إن لم أقف
بها // وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه
وبيت ابن لعبون:
أزورك وجلباب اسود الليل دفّتي
// واصدّر وحاشية ابيض الصبح سروالي
مأخوذ من قول المتنبي:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي //
وأنثني وبياض الصبح يغري بي
وقوله:
اللي بكفه صارمٍ أو سلاله //
مثل الذي خضّب يمينه والاشمال
مأخوذ أيضاً من بيت المتنبي:
ومن في كفه منهم قناة // كمن
في كفه منهم خضاب
وقوله في قصيدته التي يمدح بها أحمد الضاحي:
ما سلّمت شمس الضحى منه بغروب
// إلا لها من مطلع الشرق تأويب
مأخوذ من قول المتنبي في مدح كافور:
ولا تجاوزها شمس إذا شرقت //
إلا ومنه لها إذن بتغريب
وكما كان شعراء النبط المتعلمون على اطلاع بما
يجري في دنيا الشعر العربي في عصوره المتأخرة وعلى
علم بتيارات الأدب الفصيح يتأثرون بها ويتفاعلون
معها كانوا أيضاً على اتصال مباشر بالشعر الجاهلي
يقرأونه ويتذوقونه ويحاكونه ويقتبسون منه المعاني
والصور. وهذا مجال واسع من البحث لا يمكننا
استقصاؤه ولم شعثه هنا ولكن لو حاولنا أن نحصر
اهتمامنا على معلقة امرىء القيس ودراسة تأثيرها
على شعراء النبط المتعلمين لوجدنا في ذلك الدليل
على أن هؤلاء الشعراء كانوا يتفاعلون مع الشعر
الجاهلي بصورة مباشرة وأن علاقتهم به كانت علاقة
أدبية، لا يختلفون في ذلك عن معاصريهم من شعراء
الفصيح.
هنالك العديد من شعراء النبط حاولوا معارضة معلقة
امرئ القيس واقتباس بعض المعاني والصور التي وردت
فيها. انظر إلى قول امرىء القيس يصف المطر:
كأن ذرا رأس المجيمر غدوة //
من السيل والغثاء فلكة مغزل
كأن مكاكي الجواء غدية // صبحن
سلافا من رحيق مفلفل
كأن السباع فيه غرقى عشية //
بأرجائه القصوى انابيش عنصل
وقارنه بقول عبد العزيز المحمد القاضي:
كن طميّه بطوفان سيله تدوم //
وشال عَرْوى ودَلْعه وعَرْض مْغَرا
والمكا فوق زهر النفل بالطرب
// جاب صوتٍ عجيبٍ على ما طرى
وقول الهزاني:
وثار غبار الأرض من ضرب ودقه
// واضحن منه الجازيات الرواتع
فوق الغثا شروى أنابيش عنصل //
على كل جزعٍ فوقه السيل جارع
وانظر إلى قوله يصف طول الليل والنجوم:
وليل كموج البحر أرخى سدوله //
علي بأنواع الهموم ليبتلي
فيا لك من ليل كأن نجومه //
بكل مغار الفتل شدت بيذبل
كأن الثريا علقت في مصامها //
بأمراس كتان إلى صم جندل
وقارن ذلك بقول عبد العزيز المحمد القاضي:
كن النجوم تشد للخد بحبال //
في جندلٍ والحبل محكم ومفتول
واسبل بهيم الليل بالقطب
الاذيال // يشدي لموج البحر هولٍ على هول
وقول الهزاني:
كم ليلةٍ منها بدا الشيب
بالراس // كن النجوم بها تْعَلّق بلامراس
ومن ساعةٍ فيها تجاوزت الاطعاس
// مِتْجَنّدٍ من صنعة الهند مصقول
وبيت الهزاني هذا يذكرنا بذلك المقطع من معلقة
امرئ القيس الذي يبدأ بقوله "وبيضة خدر لا يرام
خباؤها".
وللشاعر عبد العزيز المحمد القاضي قصيدة طويلة
يعارض فيها معلقة امرىء القيس. ونحن هنا لا يعنينا
مدى نجاح القاضي أو فشله في مجاراة امرئ القيس إذ
أن كل ما نريده هو لفت انتباه القارئ إلى أن
القاضي اطلع على المعلقة وقرأها بيتاً بيتاً
واستوعب معانيها وطريقة تأليف أجزائها قبل الشروع
في نظم قصيدته حتى أنه ينهي قصيدته بمقطع طويل يصف
فيه المطر وأثره على الطبيعة، تماماً كما يفعل
امرؤ القيس. ولا يتسع المقام إلا لذكر أبيات قليلة
من هذه القصيدة:
ذوايب متون الليل عن ذيله
الضافي // كما ساق موجٍ طوف موجٍ على طافي
قامت نجومه في مثانيه كنها //
مصابيح رهبانٍ بحروى لها لافي
لكن الثريا هادي الركب وانثنى
// على خلفهم والركب ضَيّع له ارداف
تَعَرّض لَهْ الجوزا نظيمه
لكنه // وشاحٍ كِشح في فاصله لولوٍ صافي
متى يابهيم الليل بالصبح تنجلي
// ولا الصبح باروح منك هَمٍّ ولا شافي
وهكذا نرى أن هنالك عدداً من شعراء النبط لم
يكونوا يجيدون القراءة والكتابة فحسب بل كانوا على
مستوى رفيع من العلم والأدب وكانت لهم صلة مباشرة
بالشعر العربي قديمه وجديده وكانوا يمارسون نظم
الشعر كعملية أدبية محضة تستخدم فيها الكتابة
وتراعى فيها الصنعة الأدبية. هؤلاء الشعراء
المتعلمون لعبوا دوراً أدبياً يشبه إلى حد ما
الدور الذي لعبه الشعراء المولدون في الحواضر
الإسلامية خلال العصر العباسي وما بعده عدا أنهم
كانوا ينظمون بالعامية بدل الفصحى. وتتشابه هاتان
الفئتان من الشعراء المولدين والنبطيين المتعلمين
أيضاً في طبيعة علاقتهم بالشعر العربي القديم حيث
عرفوه مباشرة عن طريق الدواوين وكتب الأدب وبذلوا
جهداً وعناء في محاكاته وتقليده كمثال أدبي يحتذى
على الرغم من أن معظمهم كانوا بعيدين كل البعد عن
الإطار الحضاري والبيئة الاجتماعية التي تولد عنها
هذا الشعر واستوحى منها صوره ومعانيه. أي أن هذه
العلاقة كانت بالدرجة الأولى علاقة أدبية شكلية
مصطنعة وليست علاقة طبيعية عفوية أو ما يمكن أن
نسميه علاقة تاريخ/حضارية (= تاريخية-حضارية).
ولا أحد ينكر أن شعراء النبط المتعلمين رغم قلتهم
لعبوا دوراً بارزاً في سد بعض الفجوات التي تباعد
بين الشعر النبطي والشعر العربي القديم والتي جاءت
نتيجة لبعد الزمن وفارق اللغة. فلقد بثوا في
أشعارهم العامية التي كانت تلقى رواجاً بين الناس
الكثير من الأساليب والصور الشعرية التي جلبوها من
الشعر العربي فتأثر بهم واقتبس منهم الكثير من
الشعراء الأميين. إلا أن العلاقة الأدبية بين
الشعر النبطي والشعر العربي القديم تبقى علاقة
ثانوية تأتي لتعزز وتكمل نوعا آخر من العلاقة بين
هذين الشعرين، وهي العلاقة الأوثق والأهم، أعني
بذلك ما يمكن أن نطلق عليه مسمى العلاقة
التاريخ/حضارية والتي سنتطرق لها في غير هذا
الموضع.
كان مجتمع الجزيرة العربية خلال العصور التي نتحدث
عنها مجتمعا أقرب إلى البداوة منه إلى الحضارة
وكانت النسبة الأكبر من سكان المنطقة يعيشون حياة
البداوة التي يقوم نظامها الإنتاجي والاقتصادي على
الرعي ويعيشون حياتهم متنقلين من مرعى إلى مرعى
ومن مورد إلى مورد ومن قطين إلى قطين. حياة لا
تسمح بقيام مؤسسات تعليمية لأن ذلك يتطلب حياة
مدنية مستقرة. لذا نجد ثقافة هولاء البدو الأميين
ثقافة شفهية شعرية تستغني عن الكتابة بالنظم الذي
يسهل عملية الحفظ والتداول. لكن صلتهم بالحاضرة
جعلتهم على علم، وإن لم يكن معرفة تامة، بما لدى
الحضر من أسباب حضارية لا تتوفر في البادية مثل
الكتابة. بل إن بعض مشائخ البادية كان لديه كاتب
تشمل مهامه إمامة الشيخ وجماعته في الصلاة وقراءة
بعض كتب التراث في مجلس الشيخ، إضافة إلى قراءة ما
يرد إلى الشيخ من رسائل أو وثائق وتحرير الردود
عليها. وربما شملت مهام الكاتب كتابة ما يقوله
الشيخ من قصائد وما يقوله فيه الآخرون من مدائح.
كان البدو على وعي بشيء اسمه الكتابة وربما لجأ
البعض منهم إليها في بعض الحالات النادرة
والضرورية. لكن البدو أنفسهم لا يقرأون ولا
يستخدمون الكتابة في شؤونهم اليومية. وينتشر
التعليم في بعض الحواضر والقرى بنسب متفاوتة لكنها
تبقى نسبا ضئيلة مقارنة بالوضع الراهن. ويلجأ
الحضر عموما إلى استخدام الكتابة بشكل أكبر بكثير
من استخدامها في البادية، وذلك لضرورات دينية
وشرعية وقضايا إرث وصكوك ووصايا وما شابه ذلك.
ويكفي أن نعلم بأن الحاضرة يحكّمون في خلافاتهم
القضاء الشرعي الذي لا تنفذ قراراته إلا بعد
تحريرها وختمها. هذا بينما يلجأ البدو إلى العوارف
الذين تذكرنا أحكامهم المسجوعة بوظائف الكهان في
العصر الجاهلي. وهنا مرة أخرى نجد السجع والإيقاع،
مثل الوزن والقافية بالنسبة للشعر، يحل محل
الكتابة كوسيلة لحفظ وتداول أحكام العوارف وكذلك
حفظ الصيغ المسجوعة التي يقدم بها المتخاصمون
قضاياهم ويدافعون بها عن مواقفهم.
هذا التمييز بين العلاقة الأدبية وبين العلاقة
التاريخ/حضارية أمر حاسم ومهم في فهمنا لصلة الشعر
النبطي بالشعر العربي فهما علمياً دقيقاً. إلا أن
كتابنا حتى الآن أغفلوا هذا التمييز ولم يولوه ما
يستحقه من العناية والتمحيص. بل إن الكثير منهم
التبس عليهم الأمر فبينما نجدهم يناقشون ما نسميه
هنا بالعلاقة التاريخ/حضارية -مفترضين أن تلك هي
العلاقة الوحيدة القائمة بين الشعر النبطي والشعر
العربي- إذ بهم يوردون أمثلة شعرية لا تمت إلى
العلاقة الثقافية بصلة لأنها من صميم العلاقة
الأدبية. كأن يستشهدوا بقول ابن لعبون:
تبصّر خليلي هل ترى من ظعاين
// تقازن بهم فوق الشفا من حزومها
أو قوله:
ينشدنني يوم انتوى الكل برحيل
// هل عند رسمٍ دارسٍ من معوّل
أو قوله:
ضحكتي بينهم وانا رضيع // ما
سوت بكيتي يوم الوداع
أعلي
المخطوطات الشعرية
فصاحة النماذج الشعرية التي وصلتنا من العصور
القديمة قد يكون مردها ليس فقط قرب عهدها من عصر
الفصاحة ولكن ربما أيضا لأن الشعراء الذين نظموها
شعراء نالوا حظا من التعليم. ولأن أولئك الشعراء
كانوا متعلمين نزعوا في شعرهم إلى الفصاحة وإن لم
يتقنوها لكن معرفتهم بالكتابة أتاحت لقصائدهم فرصة
الحفظ والبقاء. التعليم المتاح لأولئك الشعراء لم
يمكنهم من بلوغ المستوى الذي يسمح لهم بنظم قصائد
فصيحة صحيحة تنقل أسماءهم من قائمة شعراء النبط
إلى قائمة شعراء الفصحى. لكن التعليم مكنهم على
الأقل من تدوين قصائدهم فظلت محفوظة عن طريق النقل
الكتابي إلى وقتنا الحاضر. والنسخ التي بين أيدينا
للقصائد القديمة إما أن تكون دونت في أوقات متأخرة
من مصادر شفهية، وهذا هو الأمر المحتمل بالنسبة
للقصائد التي وصلتنا بعدة روايات، أو أن تكون
متسلسلة عن طريق النقل الكتابي من الأصل الذي خطه
الشاعر، وهذا هو الأمر المحتمل بالنسبة للقصائد
التي وصلتنا في رواية واحدة.
ولا نعرف إذا ما كانت لا تزال هناك نسخ أصلية من
القصائد القديمة التي كتبها الشعراء القدامى
بأيديهم لكننا نستبعد ذلك. الاحتمال الأقوى أن هذه
الأصول تلفت بفعل التقادم ورداءة الورق المستعمل
آنذاك وقسوة المناخ والظروف وطرق الحفظ البدائية.
غالبية من ينشرون دواوين الشعر النبطي يعتمدون على
المخطوطات التي نسخها الشيخ عبدالرحمن بن ابراهيم
الربيعي من أهالي عنيزة والذي توفي عام 1402 عن
عمر يناهز الثالثة والتسعين والشيخ محمد بن
عبدالرحمن بن يحيى من أهالي سدير والذي توفي عام
1414 عن عمر يناهز التسعين. وعلى مدى تاريخ الشعر
النبطي لم يزدهر تدوينه كما ازدهر على يد هذين
الشيخين المتعاصرين ويعد عملهما أول جهد منظم لجمع
هذا الشعر وتدوينه وحفظه من الضياع. وقد قام
الربيعي وابن يحيى رحمهما الله بجهود لا يستهان
بها في تدوين قصائد الشعراء النبطيين ونسخا منها
مجلدات ضخمة بخط اليد في وقت كان فيه شراء الورق
وتحضير الحبر باهظ التكاليف، ناهيك عن صعوبة
التنقل والاتصال بالشعراء والرواة وجماع الشعر.
وقد أخذا من نسخ الدواوين الشعرية للراغبين فيها
حرفة كرسوا لها الكثير من الوقت والجهد. ويقال ان
ابن يحيى استقى معظم مادته الشعرية من الشاعر
والراوية المشهور ابراهيم بن جعيثن الذي عرف عنه
قوة الذاكرة وغزارة الحفظ، لا سيما قصائد حميدان
الشويعر. كما استعان ابن يحيى بخزانات الكتب التي
يحتفظ بها آل خليفة حكام البحرين أثناء إقامته
هناك. أما عبدالرحمن الربيعي فكان والده إبراهيم
كفيف البصر وهو الذي يقوده وكان الأب يحفظ الكثير
من الأشعار. وفي حديثه عن شاعر عنيزة محمد
العبدالله القاضي يقول محمد العلي العبيد في
مخطوطه التاريخي النجم اللامع للنوادر جامع
أن "له صديقا يدعى إبراهيم العبدالله الربيعي وكان
ملازماً للقاضي وهو الذي يروي أشعاره للناس."
(العبيد: 76). وقد تأثر الابن بأبيه ونسخ كل ما
لديه وكانت تلك بداية تعلقه برواية الشعر وتدوينه.
وبعد ذلك نذر الابن نفسه لهذه المهمة وتفرغ لها
وصار يبحث عن الشعراء والرواة ويشد الرحال إليهم
ويراسلهم ويطلب منهم أن يبعثوا له بما لديهم.
وقامت مراسلات بين الربيعي وابن يحيى ولا يستبعد
أنهما كانا يتزاوران ويتبادلان المواد والمعلومات
حتى أنك لا تكاد تجد قصيدة عند هذا الا وتجد
نظيرتها عند ذاك. ويحتفظ مركز ابن صالح بعنيزة
بمخطوطات الربيعي على شكل مجلدات وكراسات مرقمة
وتوجد الأشعار القديمة في تلك التي تحمل الأرقام
1،5،8،9، 12، 15، 24. أما مخطوطات ابن يحيى فيقال
إنها آلت إلى الأمير متعب بن عبدالعزيز، إلا أنه
توجد نسخة يتداولها الناس وتتألف من مجلدين ضخمين
اختار لهما الجامع العنوان لباب الأفكار في
غرائب الأشعار، وتوجد نسخة من المجلدين على
المايكروفيلم محفوظة في قسم المخطوطات بمكتبة
جامعة الملك سعود. كما يوجد في قسم المخطوطات
بمكتبة جامعة الملك سعود كراسات مخطوطة من الشعر
النبطي اشترتها المكتبة من المرحوم الشيخ محمد
العمري وتوجد أشعار قديمة في الكراسات التي تحمل
الأرقام 8، 26، 34، 51، 72، 86، 90، 91،100. إلا
أن مخطوطات العمري محدودة القيمة لأنها لا تعدو أن
تكون نقلا إما عن مخطوطات الربيعي أو مخطوطات ابن
يحيى، وهذه الأصول متوفرة ويمكن الرجوع إليها
مباشرة، مما يلغي دور مخطوطات العمري ويقلل من
أهميتها، علاوة على كونها سيئة الترتيب وخطها
رديء.
وبمقارنة مخطوطات الربيعي مع مخطوطات ابن يحيى
نلاحظ أن ابن يحيى فيما يبدو يفتقر إلى الحاسية
الشعرية؛ لذلك تكثر في القصائد التي يوردها
المفردات العادية المبتذلة التي يترفع الشعراء
عادة عن استخدامها، إضافة إلى اضطراب الوزن وغير
ذلك من مؤشرات الضعف التي لا تصدر عادة من شعراء
مطبوعين كأولئك الذين يجتهد ابن يحيى في جمع
أشعارهم وتدوينها. أما الربيعي فإنه شاعر مرموق له
مكانته بين شعراء النبط وتكاد تخلو مخطوطاته من
الهنات التي تعاني منها مخطوطات ابن يحيى. ومن
المحتمل أن الربيعي ربما لجأ أحيانا إلى موهبته
الشعرية لإقامة الوزن والمعنى وملء الفجوات
الناتجة من عدم تمكنه من قراءة بعض الكلمات. وكلتا
الحالتين لا تدفع على الاطمئنان وتبعد بنا عن
الأصل الذي نسعى إليه ونبحث عنه.
وإضافة إلى مخطوطات الربيعي وابن يحيى أتيحت لي
فرصة الاطلاع على مخطوطة من الشعر النبطي مجهولة
الأصل في حوزة الصديق الكريم عبدالرحمن بن
عبدالمحسن الذكير. وتقع المخطوطة في حدود 200 صفحة
وكتبت بخطين مختلفين أحدهما جيد جدا والآخر رديء.
وتعاني المخطوطة من التآكل وانطماس بعض أجزائها
على حواف الصفحات البالية بفعل القدم وانطماس
صفحات أخرى أصابها البلل وسال مدادها جراء وقوع
المخطوطة في البحر، حسب ما سمعته من الصديق
عبدالرحمن. ومع ذلك فإن هذه المخطوطة بالغة
الأهمية حيث تحتوي على قصائد قديمة لأبي حمزة
العامري لا توجد في أي مصدر آخر.
ومن المخطوطات المهمة أيضا تلك التي نسخها المرحوم
سليمان بن صالح الدخيل بخط يده ووضع لها عنوانا
كتاب البحث عن أعراب نجد وعما يتعلق بهم. تقع
المخطوطة في 332 صفحة وتحتوي على عدد من القصائد
القديمة من أهمها مجموعة من القصائد لشاعر يدعى
ابن زيد قالها في مدح أمراء الدولة الجبرية وتطرق
فيها لبعض الأحداث التي جرت بينهم وبين خصومهم.
وقد آلت ملكية هذه المخطوطة إلى الأب أنستاس ماري
الكرملي الذي آلت مكتبته بعد وفاته إلى مكتبة
مديرية الآثار القديمة في بغداد وتوجد نسخة منها
على المايكروفيلم بقسم المخطوطات في مكتبة جامعة
الإمام محمد بن سعود ومكتبة جامعة الملك سعود.
وتوجد أيضا في مكتبة مديرية الآثار القديمة في
بغداد مجموعة من القصائد النبطية خطها الكرملي
بيده وأوعز إلى سليمان الدخيل أن يقوم بشرحها
وتفسيرها لكن الدخيل بدأ العمل ولم يكمله. وقد
اطلعت على مجموعة الكرملي ووجدتها تحتوي على قصائد
كثيرة في مدح الأمير عبدالعزيز المتعب الرشيد
لكنها لا تتضمن أي قصائد تفيدنا في البحث عن
بدايات الشعر النبطي.
وهناك مخطوطة من الشعر النبطي بقلم المؤرخ مقبل بن
عبدالعزيز الذكير تحتوي على أشعار متفرقة، وهناك
مخطوطة متداولة في حائل معظمها لأمراء آل رشيد، ما
قالوه وما قيل فيهم. وهناك مخطوطات أخرى يمكن
الإشارة إليها لكنها لا تعنينا هنا لأنها لا تشتمل
على أي نماذج من الشعر النبطي القديم،
ولا ننس أن بعض الرحالة من المستشرقين ممن جابوا
شمال الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق خلال
فترات متقطعة أثناء القرن التاسع عشر حصلوا من
هناك على مخطوطات من الشعر النبطي. فقد أشرنا في
غير هذا الموضع إلى أن والين ذكر أن أحد الرواة
الذين اتصل بهم أثناء زيارته لمنطقة الجوف عام
1845م كان يدعي بأن في حوزته صندوقا مليئا بأشعار
نمر بن عدوان. كما أن قنصل بروسيا (ألمانيا
الشرقية) في دمشق يوهان جوتفريد فيتشتاين
Johann Gottfried
Wetzstein
كان قد جمع بعض المخطوطات الشعرية في حدود عام
1860م. وأكد فيتشتاين أن والين حصل على الكثير من
المخطوطات الشعرية أثناء إقامته في معان وتيما
وحائل ودومة الجندل. كما ألمح فيتشتاين إلى أن فون
سيتزين von
Seetzen
أودع في مكتبة جوتا مجموعة خطية من القصائد التي
جلبها من شرق الأردن، وخصوصا من منطقة السلط
والبلقا حيث تلتقي البادية مع الحاضرة ويترعرع فن
الشعر.
ومن الذين اهتموا بجلب مخطوطات الشعر النبطي من
نجد إلى أوربا تشارلز هوبير
Charles Huber
الذي زار حائل مرتين في عهد إمارة محمد بن رشيد؛
الزيارة الأولى سنة 1878م والثانية سنة 1883م.
وأحضر هوبير ثلاثة دواوين مخطوطة أودعها في مكتبة
جامعة ستراسبورج. ويتضمن أحد هذه الدواوين أشعار
عبيد بن رشيد. ويقدم سوسين في كتابه
Diwan aus
Centralarabein
فهرسا بمطالع القصائد التي تحتويها المخطوطات
الثلاث التي أحضرها هوبير وكذلك المخطوطة التي
اشتراها سوسين نفسه من محمد الحساوي في بغداد
موضحا أمام كل مطلع عدد أبيات القصيدة وقائلها.
ومجموع قصائد هذه المخطوطات الأربع مائتان وسبع
قصائد مجموع أبياتها أربعة آلاف وستمائة بيت، علما
بأن بعض القصائد يتكرر في هذه المخطوطات. وبعض هذه
القصائد لشعراء قدامى مثل ابي حمزة العامري وعامر
السمين والعليمي والخلاوي وغيرهم. وقد لاحظت أن
الغالبية العظمى من هذه القصائد هي نفس القصائد
التي تطالعنا في بعض المخطوطات المتأخرة ويتكرر
نشر بعضها في الدواوين المطبوعة التي يتداولها
الناس في وقتنا هذا. لكن يبقى هناك كم لا بأس به
من القصائد التي لم تنشر من قبل وعدد من الشعراء
الذين لم ترد لهم أسماء في الدواوين المنشورة. وقد
اتصلت بقسم المخطوطات العربية في مكتبة جامعة
لايدن في هولندا وبعثوا لي مشكورين نسخا مصورة من
مخطوطة الحساوي ومخطوطات هوبير. ولم أعثر على أي
أثر للمخطوطات التي أشار إليها بعض المستشرقين
الذين سبقو هوبير مثل أوغست والين ويوهان جوتفريد
فيتشتاين؛ وربما وجدت بعض هذه المخطوطات في مكتبة
ستراسبورج ومكتبة جوتا.
ورغم الجهود التي بذلناها في البحث والتقصي فإن
هذه الحصيلة المتواضعة هي كل ما استطعنا الحصول
عليه من مخطوطات الشعر النبطي، وهي في واقع الأمر
لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من الموروث النبطي الضخم،
ولعل الأيام القادمة تجود بالمزيد. وهذه الحصيلة
على قلتها، مقارنة بمجمل الإنتاج الشعري على مر
العصور، ورغم ما يشوبها من تصحيف وتحريف، ورغم ما
تعانيه من فجوات زمنية، تشكل أساسا لا بأس به
للدراسة، وهي على علاتها أفضل بكثير من المصادر
المطبوعة، وكذلك المصادر الشفهية، خصوصا فيما
يتعلق بالأشعار القديمة التي لم يعد يتداولها
الرواة. ولقد استطعنا من خلال التنقيب في هذه
المخطوطات، بحثا عن أقدم نماذج الشعر النبطي في
محاولة لتحديد نشأته وتتبع مراحل نموه الأولى،
العثور على الكثير من القصائد القديمة المهمة التي
لم يسبق نشرها أو نشرت بصور مشوهة. كما تمكنا من
تدارك وتصحيح الكثير من الأخطاء التي وقع فيها بعض
الباحثين نتيجة اعتمادهم كليا على المصادر
المنشورة. وسوف نعود إلى الحديث عن هذه القصائد
بشيء من التفصيل في الفصول اللاحقة ونورد نماذج
منها.
وأقدم ما بين أيدينا من مخطوطات الشعر النبطي
المخطوطات التي جلبها تشارلز هوبير من حائل حينما
زارها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقريب
منها في الزمن المخطوطة التي اشتراها ألبرت سوسين
من محمد الحساوي في بغداد. ويبدو من تفحص محتويات
هذه المخطوطات أنها نسخت في منتصف القرن التاسع
عشر حيث تحتوي على قصائد شعراء وأمراء عاشوا في
تلك الفترة مثل عبيد بن رشيد ومشعان بن هذال ومحمد
بن هادي وتركي بن حميد ومحمد العلي العرفج ومحمد
العبدالله القاضي ومحمد بن لعبون وعبدالله بن
ربيعة. لكن هذه المخطوطات تحتوي على قصائد شعراء
تقدموا على هذه الفترة بأربعمائة سنة أو تزيد مثل
حمزة العامري وشعراء الدولة الجبرية. ربما حصل
نساخ هذه المخطوطات على قصائد معاصريهم من أفواه
الشعراء أنفسهم أو عن طريق الرواية الشفهية الحية
أو حتى من قصاصات جاءت من هنا وهناك. لكن كيف حصل
هؤلاء النساخ على قصائد الشعراء القدامى الذين مضت
عليهم مئات السنين؟ عن طريق الرواية الشفهية أم عن
طريق مخطوطات لم تصل إلينا؟ الاحتمال الثاني هو
الأرجح. وأيا كان الأمر، فإن هنالك فجوة زمنية
تزيد عن أربعمائة سنة تفصل بين أقدم النماذج التي
وصلتنا من الشعر النبطي وبين مخطوطات هوبير التي
تمثل أقدم ما بين أيدينا وما استطعنا الحصول عليه
من مخطوطات الشعر النبطي. أين المخطوطات الشعرية
التي استقت منها مخطوطات هوبير مادتها والتي كانت
متداولة منذ بدأ تدوين الشعر النبطي في مراحله
المبكرة؟
لا شك أن الربيعي وابن يحيى وغيرهم من النساخ
قاموا بجهود يستحقون عليها الشكر الجزيل، والحق
أننا مدينون لهم بالشيء الكثير. إلا أنه مع ذلك
تبقى بعض الاعتبارات المنهجية التي تحد من إمكانية
الاستعانة بهذه الأعمال في التأريخ للشعر النبطي
وتتبع مراحل تطوره. فنحن مثلا لا نعرف بالتحديد ما
هي المصادر التي حصلوا منها على ما تتضمنه
مخطوطاتهم من مادة شعرية، وخصوصا القصائد القديمة.
وعلى هذا الأساس فإن مخطوطات الشعر النبطي ربما
تتفوق في بعض النواحي على الرواية الشفهية وتتميز
بقدر كبير من الشمولية والحصر، لكنها في أغلب
الأحيان، مثلها مثل بقية المصادر الخطية، لا تعدو
أن تكون مجرد تدوين وتثبيت خطي للرواية الشفهية أو
تجميع لقصاصات مجهولة المنشأ أو أضابير لا يعرف من
خطها ولا متى خطها. ومع كل ما سبق التأكيد عليه
بخصوص أهمية المصادر المخطوطة إلا أن النص المدون
الذي لا نستطيع تتبع إسناده وتسلسله حتى نوقفه على
قائله لا ترجح قيمته كثيرا على النص الشفهي. كلما
كانت المخطوطة أقدم وأقرب إلى زمن الشاعر الذي
ندرس إنتاجه ازدادت قيمتها كمصدر من مصادر
الدراسة. والشواهد الخطية في حد ذاتها لا تفيدنا
كثيرا إن لم نتمكن من معرفة ناسخها ومتى نسخها، إذ
يحتمل أنها دونت في وقت متأخر بعد ما تعرضت المادة
الشعرية من خلال الرواية الشفهية للتحوير الأدبي
واللغوي وتسربت إليها النفحات الأسطورية. ماذا
نفعل بنص دون في عصرنا هذا لقصيدة يفترض أنها قيلت
منذ مدة تزيد عن خمسمائة سنة؟ البرهان القاطع هو
الحصول على النسخة الأولى التي كتبها الشاعر بخط
يده أو التي أملاها بلسانه وبلفظه أو، على الأقل،
أول نسخة دونت للقصيدة. ومن هنا نمسك بطرف الخيط
ونتتبع مسيرة القصيدة من النسخة الأولى إلى النسخة
التي تليها وتولدت عنها وهكذا حتى نصل إلى آخر
نسخة. ويمكن أن نعكس اتجاه البحث ونقتفي أثر النص
المكتوب متراجعين إلى الوراء حتى نرده إلى أصله،
إلى أول نسخة منه لنعرف تاريخ النسخة ومدى قربها
أو بعدها زمنيا من الشاعر الذي تنسب إليه الأبيات.
ونادرا ما يذكر النساخ مصادرهم لذا فإننا لا نعرف
الطرق التي سلكوها ولا التسلسل الذي ساروا عليه في
تجديد نسخ القصائد، أي لا نعرف أن فلاناً من
النساخ استكتب هذه القصيدة أو تلك عن فلان من
النساخ والذي بدوره كان قد نسخها عن فلان أو رواها
عن علان، وهكذا عودا إلى الوراء حتى نصل إلى قائل
القصيدة. ولو قارنا الروايات المختلفة لنفس
القصيدة كما ترد في الدواوين المطبوعة والمخطوطات
لوجدنا أن هناك حالات يكون التفاوت فيها واضحا بين
هذه الروايات. هذا عدا الاختلاف في نسبة بعض
القصائد وتداخل القصائد التي تشترك في الوزن
والقافية. وقد لاحظنا أن روايات بعض القصائد قد
يصل الاختلاف بينها إلى درجة يصعب التأكد فيها مما
إذا كنا أمام قصيدة واحدة بروايات متعددة أم عدة
قصائد متشابهة.كل ذلك يوحي بأن بعض المصادر التي
استقى منها النساخ مادتهم كانت مصادر شفهية مما
يجعل من الصعب تتبع سند القصيدة وردها إلى مصدرها
الأصلي والتحقق من لغتها ومتنها كما وردت على لسان
قائلها.
ومما يزيد في تعقيد الوضع ذلك التداخل بين الرواية
الشفهية والرواية التحريرية. قد يعيش النص الشفهي
على الألسن لعشرات السنين ثم يأتي وقت يعمد فيه
أحد النساخ إلى تدوين واحدة من الروايات الشفهية
المتعددة للنص وتثبيتها خطيا لتصبح بذلك نسخة
معتمدة وتحفظ من الضياع بينما تأتي عوادي الزمن
على الروايات الأخرى وتطمسها من الذاكرة الجماعية
بعد موت رواتها. وقد تحظى عدة روايات شفهية مختلفة
للنص الواحد بالتدوين فيصبح بين أيدينا أكثر من
نسخة لروايات مختلفة للقصيدة الواحدة. وعلى الجانب
الآخر، قد تبقى إحدى القصائد محفوظة لمدة طويلة عن
طريق التدوين برواية واحدة لا غير. وبعد سنين
طويلة تقع القصيدة في أيدي أحد الحفظة فيقرأها أو
يسمعها فتثبت في ذاكرته ويبدأ باستظهارها وروايتها
في المجالس. وهكذا تشيع القصيدة بين الناس
ويتلقفها الرواة وتدخل إلى عالم الرواية الشفهية
وتبدأ التحويرات والتغييرات تدخل عليها من هنا
وهناك.
ولا شك أن التدوين الخطي يتفوق كثيرا على المصادر
الشفهية وعلى المصادر المنشورة، إلا أنه لا يسلم
دائما من التشويه والتصحيف والتحريف. فقد تمضي
مئات السنين على نسخة لإحدى القصائد ولا يأتي من
يجدد نسخها إلا بعد أن تكون طرق الكتابة وأساليب
الخط قد تغيرت، مما يؤدي إلى عدم التمكن من قراء
النسخة بوضوح، خصوصا إذا كان الخط رديئا، وهذا
بدوره يقود إلى تفشي الأخطاء في النسخة الجديدة.
وتتفاقم المشكلة مع مرور الوقت جراء التغير اللغوي
الذي ينجم عنه اطّراح بعض الكلمات والاستعمالات
واستبدالها بأخرى غيرها مما يجعل فهمها صعبا على
الأجيال المتأخرة. والناسخ إذا عجز عن قراءة
الكلمة أو فهمها فلربما لجأ إلى استبدالها بأخرى
تقوم مقامها في الوزن والمعنى، أو يقوم بنسخها كما
تبدو له بصريا دون أن يفهم معناها فينتج عن ذلك
كلمة لا معنى لها. ولهذه الأسباب نجد أن بعض
القصائد الموغلة في القدم مشوهة في نسخها وصعبة في
قراءتها وفهمها وتعاني من الخلل في الوزن والغموض
في المعنى.
والمطلع على مخطوطات الشعر النبطي يلاحظ أن معظم
النساخ خطهم رديء لا يكاد يقرأ، وحتى من يتمتع
منهم بخط جميل مقروء لا تخلو كتابته من الأخطاء
الإملائية. هذه الأخطاء تقوم دليلا على أن النساخ
الذين قاموا بتدوين الشعر النبطي وإن كانوا ملمين
بمبادئ القراءة والكتابة إلا أن معظمهم من العامة
الذين هم أقرب إلى طبقة الأميين منهم إلى
المتعلمين. ومما يفاقم المشكلة أن الخط العربي لا
يتمشى تماما مع طريقة النطق العامي. ويصعب حصر
الأخطاء الإملائية التي تعج بها مخطوطات الشعر
النبطي إلا أننا نذكر منها مثلا عدم كتابة ألف
الوصل وكتابة الكسرة المشبعة ياء، والخلط بين
التاء المربوطة والتاء المفتوحة، وبين الألف
الممدودة والألف المقصورة، وبين الضاد والظاء،
وبين القاف والجيم (وخصوصا في المخطوطات التي جاءت
من شرق الجزيرة العربية) والخلط بين نون التنوين
والنون التي تأتي في آخر الكلمة مثل نون النسوة،
والخلط بين الشدة الناجمة عن إدماج حرفين متماثلين
والشدة الناجمة عن إدغام اللام الشمسية بالحرف
الذي يليها، فالبعض مثلا يكتب "أنا اتكالي على ذي
القوة العالي" هكذا "أنا التكالي على ذي القوة
العالي" أو يكتب "جرد صفاح سيوف عزمك وادّرع" هكذا
"جرد صفاح سيوف عزمك والدّرع". وتجيز العامية
الابتداء بساكن لكن بعض النساخ بدلا من وضع سكون
على الحرف الأول يضع ألفا قبله كأن يكتب "وْنيران"
هكذا "اونيران" مما قد يوهم القارئ بأن ما يسبق
كلمة "نيران" هو حرف العطف "أو" بدلا من الواو.
ومن الأخطاء الإملائية التي تقود إلى الغموض الخطأ
في تقسيم الكلمات كأن يظن الناسخ أن الحرفين
الأولين في الكلمة حرف جر فيفصلهما في الكتابة مثل
"من جلي" بدلا من "منجلي" أو أن يشبك حرف الجر مع
الكلمة التالية مثل "منعلي" بدلا من "من علي".
وشبيه بذلك "بهالايام" بدلا من "به الايام" مما
يغير المعنى من "فيه الأيام" إلى "في هذه الأيام".
ونتيجة هذه الأخطاء تصادفنا أحيانا كلمات تحتاج
قراءتها وفهمها لشيء من الروية والتفكير مثل
"هسّـبة" = "هالسبت" أو "ابهلوقة"= "بهالوقت" أو
"برّسول" = "بالرسول".
والكثير من الأخطاء الإملائية أتى نتيجة جهل
النساخ بقواعد الإملاء والكتابة. لكن هناك أسبابا
أخرى لهذه الأخطاء منها أن بعض الشعراء نالوا قسطا
من التعليم مكنهم من استخدام كلمات وعبارات فصيحة
يجهلها بعض النساخ ولا يعرفون معانيها لذلك فهم
يعتمدون في نقلها على الرؤية البصرية دون إدراك
المقصود بها، مما يزيد من احتمال الخطأ في النقل.
والشيء نفسه يمكن أن يحدث بالنسبة لأي قصيدة تقع
في يد الناسخ لأول مرة وينقلها على استعجال دون أن
تتاح له الفرصة من قبل لقراءتها أو الاستماع لها
وتدبر معانيها. كما أن اعتماد الناسخ في كتابة
قصيدة لم يسمع بها من قبل على شخص آخر يمليها عليه
يجعله عرضة للخطأ في تقطيع كلمات القصيدة وفي
إدراك مخارج بعض الحروف ونطق بعض الأصوات بطريقة
صحيحة. وبطبيعة الحال فإن أي خطأ يحدث لأي سبب من
الأسباب المذكورة في أي مخطوطة يمكن أن يتكرر في
المخطوطات التالية التي تعتمد عليها.
وقد يكون من السهل تصحيح ما تعاني منه المخطوطات
من أخطاء إملائية أو أخطاء في تقطيع الكلمات (مثلا
"منعلى" بدلا من "من على" أو "من جلي" بدلا من
"منجلي") لأن هذه الأمور تخضع لقواعد معروفة يمكن
الاحتكام إليها. لكن مهمة المحقق تكون أصعب إذا
كان الناسخ قد استبدل لفظة بأخرى تقوم مقامها في
الوزن أو عمد إلى رسم كلمة لا يستطيع قراءتها أو
فهم معناها رسما خاطئا أو حينما لا نستطيع قراءة
النص المكتوب لرداءة الخط أو انطماسه أو تمزق
الورق، خصوصا في حالة عدم توفر أكثر من نسخة خطية
واحدة للقصيدة. ولذلك فإنه كلما زاد عدد النصوص
المخطوطة للقصيدة كانت مهمة التحقيق والترميم أسهل
وكانت ثقتنا بالحلول التي نصل إليها أكبر.
وإذا ما تعذر على الناسخ قراءة كلمة أو مقطع فإن
عليه، بدلا من الإتيان بشيء من عنده، أن ينقل ما
لم يستطع قراءته كما هو أو، إذا كان قد انطمس
تماما، يترك مكانه فراغا. والنص، في نهاية المطاف،
يستمد قيمته من كونه مرآة تعكس عصره فنيا ولغويا
وتاريخيا. لذا فإنه ليس من الأمانة العلمية العبث
بالنصوص في عمليات النسخ أو الترميم والتحقيق، لا
من حيث الرقابة السياسية أو الأخلاقية ولا من حيث
الإصرار على الحصول على نص مستقيم الوزن والمعنى
حتى ولو لم يكن هو الأصل، وأي اجتهادات في هذا
الخصوص لا بد أن يكون القارئ على علم تام بها.
وتحقيق النص لا يقصد به مجرد الحصول بأي ثمن على
قصيدة جيدة فنيا أبياتها مستقيمة في معناها
ومبناها وإنما القصد هو الخروج بنص قريب من الأصل
ما أمكن حتى نستطيع الاعتماد عليه كوثيقة تاريخية
ولغوية.
ويمكننا إيراد العديد من الشواهد التي توضح مدى ما
تعاني منه مخطوطات الشعر النبطي من أوجه الخلل
والقصور التي تحد من إمكانية الاعتماد عليها لرسم
صورة يقينية عن واقع الشعر النبطي، خصوصا في
مراحله القديمة، لكننا سنكتفي بمثالين اثنين
للدلالة على ذلك. خذ مثلا همزية أبي حمزة العامري
كما وردت عند محمد الحساوي (سوسين) والدخيل
والربيعي وابن يحيى. نلاحظ تداخلا بين أبيات هذه
القصيدة وأبيات همزية حمد الغيهبان المري التي على
نفس البحر والقافية. كما نلاحظ اختلافا واضحا في
الكلمات وفي عدد الأبيات وترتيبها بين مخطوطة
وأخرى، فهي تبلغ 42 بيتا عند الذكير و43 بيتا عند
ابن يحيى ومنديل و45 بيتا عندالحاتم و49 بيتا عند
الحساوي و66 بيتا عند الدخيل و72 بيتا عند
الربيعي. هذا عدا الأخطاء الإملائية وخلل الوزن.
والمثال الثاني مطلعان لقصيدتين من قصائد عامر
السمين كما وردتا في مخطوطات الربيعي وابن يحيى.
المطلع الأول من قصيدة قالها عامر السمين يمدح بها
قضيب بن زامل والذي يقول:
انا اتكالي على ذي القوة
العالي // ربي سنادي واعتقادي بآمالي
والمطلع الثاني من قصيدته الذهبية التي يمدح بها
بركات الشريف والذي يقول:
لمن طلل بين الخمائل والخالي
// خلا وخوا واختلا منزله الخالي
نلاحظ في هذين المطلعين أن الشطر الأول مستقيم
الوزن سليم العبارة لكن وزن المصراع الثاني مختل
ولا يتفق مع الأول. ومن المستبعد جدا أن هذا هو
الأصل الذي قاله السمين، ومن الصعب تدارك هذا
الخلل والتحقق من ذلكم الأصل في ظل غياب نسخ
أصلية، أو قديمة على الأقل، لهاتين القصيدتين.
أعلي
تحقيب الشعر النبطي
ياحبذا لو تضافرت الجهود لجمع مخطوطات الشعر
النبطي من مختلف العصور ولم شتاتها ثم تحقيقها
وعمل دراسات مقارنة لأنماط خطوطها ونوع الورق الذي
كتبت عليه والحبر الذي كتبت به ثم ترتيبها زمنيا
لعلنا نستطيع أن نحدد العلاقات فيما بينها ولو
بصورة تقريبية مبدئية ونتتبع المراحل والتغيرات
التي مرت بها بعض القصائد، لا سيما القصائد
القديمة. وكلما تعددت النسخ الخطية للقصيدة وغطت
مساحات زمنية ومكانية أوسع استطعنا عن طريق
التحقيق والتدقيق والمقارنة والمقابلة بين هذه
النسخ أن نرمم النص ونصحح ما فيه من أخطاء ونتمكن
من قراءة ما انطمس من كتابته وفهم ما استغلق من
معانيه ونخرج بنص قويم سليم قريب من الأصل في لغته
ومفرداته وعدد أبياته وترتيبها. وقد ألمحنا في غير
هذا الموضع إلى ما تعاني منه مخطوطات الشعر النبطي
من سوء الخط ومن الأخطاء اللغوية والإملائية، هذا
عدا ما تعاني منه المخطوطات القديمة من البلى
والتمزق جراء الإهمال وقلة العناية واللامبالاة في
الاستخدام. وكلما تراكمت لدينا المادة الشعرية
استطعنا أن نرصد مسيرة الشعر النبطي بلغته
ومضامينه وأساليبه الفنية في حركته المستمرة على
طريق التغير اللغوي والفني. هذه الحركة من البطء
والتدرج بحيث قد لا يشعر بها الإنسان ويلاحظها
بشكل مباشر في حياته الفردية. ملاحظة التغير
اللغوي والفني في الشعر النبطي يحتاج منا النظر
إلى التراث الشعري برمته ثم فرزه وترتيبه في تتابع
زمني منتظم. ولكن كيف لنا أن نرتب وفق تسلسل زمني
هذا التراث الشعري الذي تتتضمنه دواوين الشعر
النبطي ومخطوطاته؟
القيمة الاجتماعية والفاعلية السياسية للشعر
العربي، فصيحه وعاميه، تجعل الحديث عنه وعن تاريخه
مرهونا أساسا بالحديث عن التاريخ السياسي للشعوب
العربية. حالما نبدأ محاولة تأريخ الشعر النبطي
ورصد مراحل تطوره نجد أنفسنا غارقين في الحديث عن
الأحداث السياسية وعن القوى التي تتالت على أنحاء
الجزيرة العربية والأسر الحاكمة التي تداولت
السلطة فيها وتعاقبت عليها. الربط بين التاريخ
السياسي والتاريخ الأدبي يعني في نهاية المطاف
الربط بين المادة الشعرية وبين المصادر التاريخية
المكتوبة التي تعنى في المقام الأول بتسجيل وتوثيق
الأحداث السياسية. لو نظرنا إلى المعلومات
التاريخية الضئيلة عن الجزيرة العربية التي تجود
بها المصادر المكتوبة من جهة وإلى القصائد النبطية
القديمة التي تجود بها المخطوطات من جهة أخرى
وتفحصنا كل منهما على حدة لوجدنا أن كلا منهما
يبدو غامضا ومليئا بالفجوات. لكننا إذا جمعنا
المادة الشعرية مع المادة التاريخية المكتوبة
ونظرنا فيهما جنبا إلى جنب فإنه، بحكم ما بين
التاريخ السياسي والأدبي من تضافر وتداخل، ينتج
بين هذين المصدرين تفاعل معرفي يسد كثيرا من
الفجوات ويفسر كثيرا من الغموض ويساعد على ترتيب
التراث الشعري وفق حقب زمنية متتابعة.
يمكننا مثلا الرجوع إلى المصادر المكتوبة لمعرفة
تأريخ حادثة من الحوادث التي تتحدث عنها إحدى
القصائد أو معرفة متى عاش شخص ورد اسمه فيها،
وهكذا نستطيع تحديد زمن القصيدة وعصر الشاعر.
لنفرض أن شاعرا من الشعراء لا نعرف شيئا البتة عن
حياته وجدنا له قصيدة في مدح شخصية تاريخية معروفة
مثل أجود بن زامل الجبري. هذا يعني أن الشاعر عاصر
أجود الذي لدينا بعض المعلومات عنه وعن حياته ومتى
عاش. ولنفرض كذلك أن شاعرنا نفسه أورد في قصائده
الأخرى أسماء شخصيات من الأمراء والأجواد والرجال
الذين لا نعرف عنهم شيئا. هؤلاء لا بد أن يكون
عصرهم هو عصر الشاعر الذي نعرف أنه عاصر أجود
ومدحه. إذا استطعنا تحديد زمن القصيدة، لتضمنها
حادثة نعرف -من المصادر المكتوبة الموثقة- متى
وقعت أو لإشارتها إلى شخص نعرف متى عاش، فإننا
نستطيع بناء على ذلك أن نعرف ولو بالتقريب تاريخ
ما تتضمنه القصيدة وكذلك ما تتضمنه قصائد الشاعر
الأخرى من حوادث وشخصيات أغفلها المؤرخون وربما
ذكروا نتفا منها لكن دون أن يستطيعوا تحديد
تواريخها وربما حددوها وأخطأوا في التحديد. وهكذا
نستطيع بحكم التضافر بين مضامين الشعر النبطي وبين
أحداث التاريخ والرجال الذين صنعوه الاستفادة من
القصائد النبطية لملء بعض الفراغات في معلوماتنا
التاريخية وربما تصحيح بعض الأخطاء والتخرصات، كما
يمكننا من جهة أخرى الاستفادة من المصادر
التاريخية في ترتيب الشعراء النبطيين حسب الأقدمية
ثم فحص إنتاجهم الشعري ودراسته من أجل تتبع
المراحل اللغوية والفنية التي مر بها.
بعد ترتيب المادة الشعرية ترتيبا زمنيا نأتي إلى
مفصلة هذا الترتيب الزمني وتقسيمه إلى مراحل
متتالية بحيث لو أننا أخذنا الإنتاج الشعري لكل
مرحلة وتفحصناه كجسم واحد وكتلة متجانسة من
القصائد المتناصة المتداخلة
corpus
واستخلصنا السمات اللغوية والفنية التي تميز كل
مرحلة، لاستطعنا، من مقارنة هذه السمات المرحلية،
أن نرصد ملامح التغير عبر القرون المتتالية ونجزأ
تاريخ الشعر النبطي إلى حقب وعصور أدبية لكل منها
لغته وأساليبه الفنية المتميزة. وحيث أن المسيرة
التطورية للشعر النبطي مسيرة منتظمة ومتدرجة لذلك
فإننا حينما نريد أن نقسمها إلى مراحل وأطوار نجد
من الصعب تحديد نقاط الفصل بين مرحلة وما قبلها أو
بعدها، مما يضطرنا إلى الخروج من دائرة الشعر
للبحث عن أسس نبني عليها هذا التقسيم المرحلي.
اعتاد المختصون في محاولاتهم لتحقيب التاريخ
الأدبي أن يلجأوا إلى حقب التاريخ السياسي
ويستعيروا منها عصورهم الأدبية ومن هنا جاءت
تسميات الأدب الجاهلي وأدب صدر الإسلام والأدب
الأموي والعباسي والمملوكي، وهلم جرا. يلجأ المؤرخ
الأدبي إلى الواقع السياسي لما لهذا الواقع من
أهمية في نفوس الناس ولما يتصف به من هزات وتقلبات
تشكل مفاصل تاريخية واضحة يحرص المؤرخون على
تسجيلها وتحديد زمنها. خذ مثلا ظهور دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب أو سقوط الدرعية أو دخول الملك
عبدالعزيز الرياض أو معركة السبلة، كل حدث من هذه
الحوادث يشكل مفصلا تاريخيا ومحطة انتقال بارزة
تفصل بين ما قبلها وما بعدها ونتجت عنها آثار
عميقة وملحوظة ومباشرة على الأوضاع السياسية
والاحتماعية. هذه التحولات السريعة، أو قل
الانقلابات في الواقع السياسي والاجتماعي ليس لها
ما يقابلها في الواقع الأدبي واللغوي الذي يجري
تغيره بصورة بطيئة ومتدرجة ويسري وفق إيقاع متسق
منتظم.
الرجوع إلى التاريخ السياسي المدون وأحداثه
الموثقة يفيدنا في ترتيب التراث الشعري النبطي وفق
مراحل تاريخية متتالية. كما يفيدنا أيضا في فرز
التاريخي من الأسطوري فيما تتناقله الروايات
الشعبية من حكايات شفهية تساق عادة كمقدمات لهذه
القصائد تحكي الظروف التي قيلت فيها القصيدة
والبواعث على قولها وتفسير ما تحتويه من إيماءات
وتلميحات. وسوف يفاجأ القارئ حينما يقرأ في
الصفحات القادمة أمثلة من الميكانزمات اللغوية
التي تتولد منها الأسطورة. سوف نرى أن الأسطورة
تتولد نتيجة تفسير حرفي لمعنى مجازي أو نتيجة خطأ
في فهم مفردة غريبة ومحاولة تفسيرها عن طريق تصنيع
دلالات أسطورية لها.
واستنادا إلى مراحل التاريخ السياسي لجزيرة العرب
يمكننا أن نقسم تاريخ الشعر النبطي إلى حقب تتوافق
مع تاريخ المنطقة السياسي، وإن لم يكن التوافق
تاما ودقيقا. حينما نبدأ تطبيق هذه المنهجية عمليا
سوف نجد بعض الصعوبات الناجمة عن الفجوات التي
تأتي أحيانا نتيجة فراغ بين حقبة سياسية وأخرى أو
نتيجة التداخل بين نهاية حقبة سياسية سابقة وبداية
حقبة سياسية لاحقة. ومع الأسف أن مؤرخينا لم
يستحدثوا طريقة لتحقيب تاريخنا في الجزيرة
العربية. ولا بد لعملية التحقيب من ضوابط أهمها أن
تستمد الحقبة اسمها من سلالة أو قوة سياسية حاكمة
يمتد حكمها على فترة زمنية طويلة، مثل الدولة
الجبرية. ولكن فيما لو وجدت في نفس العصر أكثر من
قوة سياسية حاكمة في أكثر من مكان فإننا نختار
المكان والقوة اللتين تشكلان الحضور الأقوى في
مضامين الشعر النبطي واللتين يشكل فيهما الشعر
النبطي رافدا مهما من روافد التعبير الثقافي
والسياسي. والأهم من ذلك أن نختار القوة والمكان
من حيث يأتينا الحجم الأكبر والحصيلة الأوفر من
المادة الشعرية. وعلى هذا الأساس نسبنا الحقبة
الأولى من حقب الشعر النبطي إلى الجبريين ولم
ننسبها إلى معاصريهم من الأشراف في الحجاز أو
المشعشعين في الحويزة وعربستان. ورغم أن الحقبة
الغريرية تكاد تتزامن مع حقبة آل معمر في العيينة
إلا أننا اخترنا أن ننسب الحقبة إلى آل غرير لأنهم
الأقوى والأعظم تأثيرا. وربما تطورت الدراسات
الشعبية عندنا مستقبلا وتعمق فهمنا للشعر النبطي
شكلا ومضمونا لدرجة تسمح باكتشاف حقب تاريخية
نابعة من الشعر نفسه وأكثر دقة في التعبير عن
مراحله التاريخية. ومع قصور المنهج الذي أقترحه في
تحقيب الشعر النبطي إلا أنني لا أرى بأسا في سلوك
هذا الطريق حتى تتبين طرق أخرى أدق وأجدى، على أن
يؤخذ في الاعتبار أن ما سأقترحه ليس إلا محاولة
أولية. وعليه يمكننا أن نقسم تاريخ الشعر النبطي
الى الحقب التالية:
1/ ما قبل الحقبة الجبرية. هذه حقبة مجهولة لا
نعرف عنها الكثير ولا نستطيع تحديد بدايتها ولا
الفترة التي يمكن أن تشملها، لأننا لا نستطيع
تحديد النقطة التاريخية التي يمكن القول بأنها
تمثل البداية الحقيقية للشعر النبطي. ويدخل ضمن
هذه الحقبة تلك الأشعار التي سبقت قيام الدولة
الجبرية مثل القصيدة التي أوردها ابن خلدون منسوبة
لامرأة من عرب نمر في حوران وقصائد أبي حمزة
العامري.
2/ الحقبة الجبرية. تمتد هذه الحقبة من قيام
الدولة الجبرية حتى اضمحلالها بعد دخول
البرتغاليين إلى منطقة الخليج. وحينما نتحدث عن
هذه الحقبة فيما بعد سوف نتطرق إلى خلافات
المؤرخين حول بداية الدولة الجبرية ونهايتها. وسوف
نشمل في الحقبة الجبرية جميع الأشعار التي وصلتنا
من فترة وجودهم. كما سنضمن في هذه الفترة بعض
الأشعار التي قيلت بعد زوال الجبريين في فترة
الفراغ السياسي التي سبقت قيام دولة آل غرير (آل
حميد). ولذلك فإننا سنلحق شعر بركات الشريف
والشعيبي بالحقبة الجبرية لقربها منها في اللغة
والأسلوب. ومن شعراء الجبريين الذين نشرت لهم بعض
القصائد جعيثن اليزيدي وعامر السمين والكليف.
وهناك غيرهم من الشعراء الذين لم تذكرهم المصادر
مثل ابن زيد وابن حماد، وسوف نتحدث عنهم لاحقا
بشيء من التفصيل. ومن الشعراء الذين جاءوا بين هذه
الحقبة والتي تليها رميزان بن غشام وأخيه رشيدان
وخاله جبر بن سيار.
3/ الحقبة الغريرية. تبدأ الحقبة الغريرية مع
استيلاء براك بن غرير على السلطة في الأحساء عام
1080هـ. وتتداخل نهايات هذه الحقبة مع ظهور
الدرعية كقوة منافسة لدولة آل غرير وتأسيس الدولة
السعودية الأولى التي تنتهي باجتياح جيوش محمد علي
جزيرة العرب وتدمير الدرعية. ويمكننا أن نحدد
نهاية الحقبة الغريرية مع إطلالة القرن الثالث عشر
الهجري حينما التجأ سعدون بن عريعر إلى الدرعية
ومات فيها عام 1200هـ. وتمثل نهاية هذه الحقبة
مرحلة تحول حقيقية في الشعر النبطي، فهذا عصر
عبدالمحسن الهزاني الذي على يده (أو على لسانه) تم
إدخال الكثير من التجديدات الشكلية والفنية على
القصيدة. وممن تشملهم هذه الفترة، إضافة إلى
الهزاني وأمراء آل غرير الذين يجيدون قول الشعر،
ابن بسام راعي سدير وحميدان الشويعر وآخرون سنأتي
على ذكرهم.
تعود الحقبة الغريرية والحقبة الجبرية وما قبلها
إلى ما يمكن أن نسميه تجاوزا العصر الأسطوري الذي
سبق عصر التدوين التاريخي لوسط الجزيرة العربية
الذي يبدأ مع ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وانتشار التعليم ونشاط حركة التأليف في المنطقة.
ومع بداية انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وامتداد نفوذ الدولة السعودية نشطت حركة التعليم
وظهر مؤرخون اعتنوا بتسجيل الأحداث التاريخية مثل
ابن غنام وغيره وبذلك انتقلت نجد من العصور
الشفهية والأسطورية لتدخل عصر التاريخ والتدوين
والوثائق المكتوبة مما يسهل مهمة المؤرخ. ويمكننا
دمج الحقبتين الجبرية والغريرية في حقبة واحدة
نطلق عليها اسم الحقبة الكلاسيكية؛ وإن كنت أفضل
مسمى قد يكون أقرب إلى واقعنا الثقافي والتاريخي
هو مسمى الحقبة الهلالية، بحكم أن هذه الأشعار
تشترك مع الأشعار الهلالية المتداولة في وسط
الجزيرة من حيث الوزن الشعري والقافية ومن حيث
غلبة الطابع الأسطوري على ما يدور حولها من حكايات
وتفسيرات؛ مع الأخذ بعين الاعتبار ما بين قصائد
السيرة الهلالية والقصائد التي نعنى بها هنا من
اختلاف يتمثل في أن الأولى لا يعرف لها قائل
والأخرى نعرف قائليها وهم أشخاص لا نشك في وجودهم
التاريخي.
ومعظم القصائد التي وصلتنا من الحقبة الجبرية
والحقبة الغريرية قيلت في مدح حكام تلك الدول
وربما كتب البقاء لهذه القصائد لأنها حظيت بالحفظ
وسجلها الكتبة في دواوين أولئك الحكام، وربما يكون
أولئك الكتبة أول من حاول القيام بجهد منظم في
تدوين هذا الشعر وضمه في أضابير وكراسات مخطوطة،
وربما كانوا هم الذين روجوا مسمى "الشعر النبطي"
للدلالة على هذا الشعر. ولا يخفى على فطنة القارئ
أنه قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقيام
الدولة السعودية الأولى سنة 1158هـ كانت نجد يلفها
سديم الأمية بينما كانت الأحساء في ظل مشائخها من
العيونيين والجبريين وآل حميد ومنذ أيام القرامطة
مركزا يرتاده من له حظ آنذاك من علم أو أدب وكان
نفوذ هؤلاء الحكام يمتد إلى مناطق العارض والقصيم
والأفلاج وغيرها من مناطق وسط الجزيرة وشمالها
والتي قصد شعراؤها حكام الأحساء ومدحوهم أملا في
أن يجزلوا لهم العطاء.
ومن غير المستغرب اهتمام حكام الجبريين وآل حميد
بالشعر النبطي لأن دولهم أشبه ما تكون بالمشائخ
البدوية. وكانت الأسس التي قامت عليها هذه
الإمارات في البداية أسسا قبلية بدوية لكنها مع
توسع سلطانها وزيادة مواردها وصلت إلى درجة من
التطور تتطلب منها الاستقرار في حواضر تقيمها على
الموانئ البحرية أو مفترقات الطرق التجارية أو
بطون الأودية حيث تتوفر الموارد المائية
والزراعية. وقد تصل بعض هذه المشائخ في فترة
ازدهارها السياسي إلى درجة من الرخاء الاقتصادي
والتطور العمراني تسمحان بقيام مؤسسات تعليمية ولو
بشكل بدائي مثل الكتاتيب واستقطاب من يمكن
استقطابه من رجال العلم وأرباب القلم من الأدباء
والشعراء الفصحاء. ولذا نجد أحيانا بعض النماذج من
الشعر العربي الفصيح، لكن الشعر العامي يبقى هو
الأغزر مادة والأقوى تأثيرا. هذا على خلاف ما كان
عليه الحال بالنسبة للدولة السعودية التي أرست
دعائمها على أسس دينية ومدنية ليست على وفاق تام
مع هذا الشعر بلغته العامية ورؤيته البدوية وقيمه
القبلية. فلا نجد مثلا أي ذكر للشعر النبطي في
كتابات الشيخ حسين ابن غنام مؤرخ الدعوة الوهابية.
أما الشيخ عثمان بن بشر الذي جاء ليكمل جهد ابن
غنام فإنه يتورع عن إيراد شواهد من الشعر النبطي
على الرغم من إحساسه بقيمتها التاريخية لأنها كما
يقول في تاريخه "ليست على اللفظ العربي فلا تليق
بهذا الكتاب". ولذلك فإنه على الرغم من الأهمية
القصوى لحقبة الدرعية على مستوى التاريخ المحلي
فإنها لا تشكل محطة مهمة في مسيرة الشعر النبطي
حيث أن ما وصلنا من شعر نبطي يخص أحداث الدرعية لا
يقارن من الناحية الكمية بما وصلنا من الأحساء
ودولة آل غرير.
4/ حقبة الرياض. تبدأ هذه الحقبة من ظهور الإمام
تركي بن عبدالله وتأسيسه الدولة السعودية الثانية
ونقله عاصمتها من الدرعية إلى الرياض وتنتهي بوفاة
الإمام فيصل بن تركي. ومستهل هذه الحقبة هي
القصيدة التي قالها الإمام تركي وبعث بها إلى ابن
عمه مشاري في مصر يحثه فيها على القدوم إلى
الرياض. ويتسم التعامل مع هذه الفترة بالصعوبة لما
تتميز به من تشابك في الأحداث واضطرابات سياسية
جاءت نتيجة القلاقل الداخلية والتدخلات الخارجية،
ناهيك عن غزارة المادة التاريخية والشعرية التي
على الباحث أن ينظر فيها ويتفحصها. ويمكن اعتبار
حقبة الرياض امتدادا لما قبلها لأن معظم شعرائها
من المخضرمين الذين عاصروا هذه الحقبة والتي قبلها
مثل محمد بن عشبان وعبدالله بن ربيعة ومحمد العلي
العرفج ومشعان بن هذال وأحمد بن محمد السديري
ومحمد العبدالله القاضي. وقد وصلتنا دواوين معظم
هؤلاء الشعراء كاملة، بعضها ربما نسخها الشعراء
أنفسهم. كما أن هذه الحقبة تمهد للحقبة القادمة
التي ولد الكثير من شعرائها وترعرعوا فيها. وقد
شهدت حقبة الرياض الكثير من الحروب التي خلدتها
الأشعار مثل بقعا وحروب الجوف وحروب القصيم مع
حائل ومع الرياض. وتشهد هذه الحقبة بدايات تدوين
الشعر النبطي وما لم يصلنا منه مدونا، خصوصا أشعار
البادية، وصلنا عن طريق الرواية الشفهية لقرب عهد
هذه الحقبة من زماننا هذا. ومن قبل هذه الحقبة لم
تحفظ لنا المخطوطات ولا الذاكرة الشعبية عينات
تذكر من الشعر البدوي الصرف ولا من أشعار النساء.
والمطلع على كتاب أبطال من الصحراء للمرحوم محمد
الأحمد السديري والدواوين التي طبعها الشيخ منديل
الفهيد وعبدالله بن رداس يدرك مدى قوة التعبير
وحيويته في الشعر البدوي، وكذلك النسائي الذي جاء
من هذه الحقبة وما بعدها.
5/ حقبة حائل. تأتي هذه الحقبة كحقبة معترضة
تتداخل بدايتها مع نهاية حقبة الرياض ونهايتها مع
بداية حقبة التوحيد. وعلى الرغم من قصر هذه الحقبة
فإنها تبقى حقبة مهمة لغزارة الانتاج الشعري الذي
وصلنا منها وأهميته السياسية وقيمته التاريخية.
ولا ندري بماذا نفسر هذه الغزارة! هل مرد ذلك إلى
كون هذه الحقبة تمثل ذروة ازدهار الشعر النبطي أم
لأن التدوين حفظ لنا الكثير من أشعار هذه الحقبة
بينما ضاعت أشعار الحقب السابقة بسبب ندرة
التدوين. أضف إلى ذلك أن هذه الحقبة قريبة نسبيا
وحينما تفشى التعليم عندنا وانتشرت الكتابة وازدهر
التدوين كانت الذاكرة الشعبية لا تزال تختزن
الكثير من القصائد التي قيلت آنذاك. ولا تزال
الروايات الشفهية لهذه القصائد والأحداث التي
تتضمنها محتفظة بقيمتها التاريخية حيث لم تتحلل
بعد بفعل التقادم وتتلاشى في عالم الأسطورة. ولقد
شهدت هذه الحقبة الكثير من الفتن والحروب
الإقليمية والمناخات القبلية التي خلدتها القصائد
النبطية. ومعظم هذه القصائد جادت بها قرائح
الفرسان والمشائخ والأمراء مما يعزز من قيمتها
التاريخية. هذه حقبة عبدالله وعبيد وحمود آل
الرشيد وزامل السليم وراكان بن حثلين وتركي بن
حميد ومحمد بن هادي وشليويح العطاوي وبديوي
الوقداني ومخلد القثامي وعدد يصعب حصره من شعراء
القبائل وفرسانها. كم من القصائد قيلت في حرب
المليدا أو كون طلال أو الحروب بين شمر وعنزة وبين
عتيبة وقحطان؟ كم من القصائد قيلت في مدح محمد بن
رشيد وخليفته عبدالعزيز بن متعب؟ ومن شعراء
البادية المرموقين في هذه الحقبة خلف ابو زويد
وعدوان الهربيد وحنيف بن سعيدان وفجحان الفراوي
وساكر الخمشي وفهد بن صليبيخ؛ وهذه مجرد أسماء
قليلة من قائمة طويلة يصعب حصرها من الشعراء
والأمراء والفرسان من البادية والحاضرة.
6/ حقبة التوحيد. نعني بذلك توحيد المملكة على يد
المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز. ويمكننا اعتبار
قصيدة الخلوج للعوني هي فاتحة أشعار هذه الحقبة.
ويستحيل الإحاطة بالانتاج الشعري لهذه الحقبة
والذي يدور جزء كبير منه حول فتوحات الملك
عبدالعزيز وجهوده في توحيد المملكة العربية
السعودية. وأهم شعراء الحماسة جاءوا من بدايات هذه
الحقبة مثل العوني وابن صغير وابن دحيم وشعراء
العرضة الآخرين. وأمير شعراء النبط الشاعر العاطفي
عبدالله بن سبيل جاء من هذه الحقبة وأرسى قواعد ما
يمكن أن نسميه المدرسة الوجدانية في الشعر النبطي.
كما جاء منها عبدالله بن دويرج وسليمان بن شريم
وعبدالله اللويحان، وثلاثتهم لهم إسهامات واضحة في
تجديد أوزان الشعر النبطي وعروضه.
في هذه الحقبة يفقد الشعر النبطي فاعليته كأداة
سياسية لكنه يتحول إلى أداة إعلامية ناجحة. ففي ظل
الوضع السياسي المستقر الذي نعمت به هذه الحقبة
وفي غياب أي وسيلة للترفيه وشغل الفراغ الذي عادة
ما يوفره الاستقرار السياسي والتعايش السلمي بين
مختلف القبائل والمناطق برز الشعر، قولا ورواية،
وسيلة جاهزة لتزجية الوقت. وازدهرت أجناس الشعر
التي تعتمد على الأداء وتؤدى في مناسبات جماهيرية
احتفالية مثل العرضة والسامري وشعر الرد. كما برز
الشعر كأداة إعلامية ناجحة لغرس بذور القيم
الاجتماعية والوطنية اللازمة لتعزيز وحدة المجتمع
وتقوية كيان الدولة وكذلك كأداة للتوعية يبث من
خلالها رسائل ومضامين لقطاعات من الشعب تكاد تكون
هذه هي الوسيلة الوحيدة للوصول إليهم لتثقيفهم
وإدماجهم في برامج الدولة وخططها وتوعيتهم بمفهوم
الدولة والوطن والمواطن التي حلت محل القبيلة
والديرة. ومثلما لعب الشعر النبطي دورا هاما في
عمليات الترويض فإنه في الوقت نفسه كان متنفسا
للعداوات والحزازات العالقة في النفوس بين القبائل
والمناطق التي وحدها الملك عبدالعزيز ليفرض عليها
السلم ويخضعها لحكم الشرع. تحولت المشاحنات
الدامية والحروب الحقيقية التي كانت سمة من سمات
الجزيرة العربية قبل توحيدها إلى حروب كلامية بين
الشعراء، تماما مثل ما فعل جرير والفرزدق وغيرهم
ممن عاصروهم من الشعراء بعد استتباب الأمر للدولة
الإسلامية والقضاء على الروح القبلية في عهد بني
أمية. وإضافة إلى هذه النقائض نشط أيضا شعر القلطة
(الرد) كوسيلة للترفيه وكذلك للتنفيس ومحاولة
التكيف والاندماج مع الوضع السياسي المستجد.
7/ حقبة التجديد. نستطيع أن نؤرخ لهذه الحقبة مع
بداية حكم الملك فيصل لأنه كان رحمه الله أحد
الشعراء الذين يشار لهم بالبنان وكان لا يشق له
غبار في حلبة الرد ولأن التجديد بدأ فعلا على يدي
نجليه الأمير عبدالله والأمير خالد (دايم السيف).
تطالعنا أول ما تطالعنا بوادر التحديث في شعرنا
العامي في قصائد الشاعر الغنائي الأمير عبدالله
الفيصل، حامل لواء الحركة التجديدية. ثم جاء خالد
الفيصل من بعده ليحلق بالتجربة ويصل بها إلى
ذروتها الفنية. إيقاعية الوزن وموسيقية اللفظ حولت
القصيدة على لسان الأمير خالد إلى أغنية. ويأتي
بدر بن عبدالمحسن لاحقا وبجرأة أكثر ليعلن القطيعة
بينه وبين الشعر النبطي الذي نعنيه عادة عندما
نستخدم هذه الصفة.
واستكلمت التجربة الخليجية في الشعر العامي
الغنائي نضجها على يد شعراء مبدعين من أمثال مساعد
الرشيدي وفهد عافت وسليمان المانع وناصر السبيعي
والراسية وغيرهم. هذه التجربة التحديثية في شعرنا
العامي الغنائي من الكثافة والتركيب بحيث يصعب
الإلمام بجميع توجهاتها وتشعباتها والإحاطة بكل
نتاجها وحصر كل شعرائها، لا سيما أن التجربة لا
زالت في عنفوانها وما زال المستقبل يخبئ الكثير من
المفاجآت. لقد تجردت القصيدة العامية في التجربة
الحديثة تمام التجرد ولم تعد بحاجة إلى "سالفه"
تحكي لنا دوافع النظم وملابساته. انتشل الشعراء
المجددون الشبكة اللغوية التي يرميها الشعراء
النبطيون في بحورهم الشعرية وقذفوا بها في التجربة
الحداثية ليشكل إنتاجهم ظاهرة من ظواهر عديدة تشير
إلى أن أي حواجز نقيمها في أذهاننا، نتيجة التحيز
أو الجهل، ضد تجارب الإنسان الإبداعية لا وجود لها
في الواقع. ولا أدل على حيوية هذه التجربة من
القصائد النثرية التي تطالعنا أحيانا في بعض
الصفحات الشعبية. ولكن لو انتشرت التجربة النثرية
في الشعر النبطي ورسخت، ترى هل بمقدورنا أن نستمر
في إطلاق صفة نبطي على هذا اللون؟
انتقلت القصيدة النبطية في عصرنا هذا نقلة نوعية
مذهلة حررتها من نطاق جاذبية التجربة النبطية
الكلاسيكية وطبقاتها الجوية لتحلق في أجواء وعوالم
إبداعية غير مأهولة، لم يرتدها أحد من قبل. مساحات
جديدة من الإبداع فيها جمال الصورة وعذوبة الكلمة
وخفة الأوزان والإيقاعات التي تلامس الشعور وتداعب
الحواس. لقد قوض المجددون بناء القصيدة النبطية
التقليدية ليقيموا على أنقاضها صرحاً إبداعياً
يختلف بصورة ملحوظة في شكله ومضمونه، في هندسته
وتصميمه، في زخرفته وألوانه. وهذا لا يتأتى فقط
بالفطرة والطبع وإنما هو أيضاً نتيجة جهد واع
وإدراك عميق لرسالة الفن ودور الفنان.
كلنا نعرف أن الأدب، عاميه وفصيحه، يتغير شكلاً
ومضموناً استجابة للتحولات التي تطرأ على الوسط
الاجتماعي الذي يستمد منه وظائفه وعلى الواقع
الثقافي الذي يستمد منه مضامينه، وتبعاً لتغير
إيقاع العصر وحركة الحياة ومتطلباتها. وكلنا نعرف
أن ثقافتنا خلال العقود الأخيرة شهدت تحولات
نقلتها من ثقافة تقليدية شفهية تعتمد على الحفظ
والذاكرة إلى ثقافة كتابية إلكترونية تعتمد على
التسجيل والتدوين. لقد انتهى دور الرواية والتذاكر
في المجالس والمنتديات كوسيلة من وسائل تداول
الشعر ونقله وتوارثه، هذا الدور أصبح الآن مناطا
بوسائل الإعلام والنشر الحديثة، المقروءة
والمسموعة والمرئية.
قبل عصور التدوين كان الناس يعتمدون كليا على
الذاكرة، وكان لديهم متسع من الوقت للجلوس
والاستماع إلى الرواة يسردون الملاحم والقصائد
الطويلة. أما الآن فإن الاعتماد على الكتابة
والتدوين والتسجيل، وكذلك إيقاع الحياة السريع،
قلب الأوضاع رأسا على عقب. حينما تغير النسيج
الاجتماعي وتسارع إيقاع الحياة وتبدلت طبيعة
العلاقات الاجتماعية وتغيرت وظائفها ولم يعد الناس
قادرين على التحلق حول الراوية في المجلس أو
الديوانية أو العاير أو المركاز، جاءت وسائل
الإعلام لتقوم بمهمة نقل الأدب الشعبي إلى الناس
في بيوتهم عبر الصحافة والإذاعة والتلفزيون. لكن
هذا تم على حساب عفوية الأداء وعلى حساب علاقة
التلقي المباشرة التي كانت قديما تربط الشاعر
بجمهوره وجها لوجه.
لقد انتهى عهد الخيمة والمجلس والسياقات الأخرى
التي كانت تؤدى فيها القصيدة في الزمن السابق.
اندثرت سياقات الأداء التقليدية وانتهت لتحل محلها
الأسطوانة والشريط والمذياع والتلفزيون والصفحة
الشعبية. لكن طبيعة هذه الوسائل البديلة
ومحدودياتها تفرض شكلا معينا على القصيدة. فلم يعد
الشاعر المعاصر يتمتع بما كان يتمتع به الشعراء
والرواة الأولون الذين يتصدرون المجالس مشرقين
مغربين في رواية الأشعار وسرد السوالف. لقد ضاق
الحيز المكاني والزمني المتاح للشاعر ليقول
قصيدته.
لو نظرنا إلى القصيدة النبطية لوجدنا أن الطباعة
ووسائل التكنولوجيا الحديثة أثرت عليها تأثيراً
بالغاً ولكن في اتجاهين مختلفين. فآلة التسجيل
مثلاً استثمرها شعراء النبط بشكل مذهل في ترويج
قصائدهم. ثم إن هذه الآلة أعفت ذاكرة الشاعر
والراوية من عبء الحفظ وأصبح بإمكان الشاعر أن
ينظم قصيدة طويلة قد تصل إلى خمسمائة بيت أو تزيد
ويسجلها على شريط كاسيت ثم ينسخها ويوزعها على من
يريد. وهكذا تبقى القصيدة كاملة وبصوت الشاعر نفسه
ليسمعها الناس وخصوصاً حينما يسافرون على الطرق
الطويلة. لقد أسهمت آلة التسجيل في حفظ نماذج من
الأدب الشعبي بصوت الراوية أو الشاعر نفسه. أي أنه
بعد خمسين سنة من الآن أو مئة سنة من الآن ستبقى
هذه النماذج الحية النابضة ليستمع إليها جيل
المستقبل ويستمتع بها ويدرسها بسياقها الأدائي
ونطقها الطبيعي. تصور كيف ستكون نظرتنا لقصائد
الخلاوي وأبي حمزة العامري وحميدان ورميزان وغيرهم
من الشعراء القدامى لو حفظت لنا قصائدهم مسجلة
بأصواتهم!
على الصعيد الآخر نجد أن البرامج الإذاعية
والتلفزيونية والصفحات الشعبية في الجرائد
والمجلات غيرت من معالم القصيدة النبطية بطريقة
تختلف عن آلة التسجيل. وسائل الإعلام المقروءة
منها والمسموعة والمرئية تخاطب قاعدة عريضة من
الناس تختلف مشاربهم وثقافاتهم، لذا لابد أن تكون
لغة القصيدة الإعلامية سهلة متيسرة الفهم للجميع.
وبدلا من أن تعبر عن هموم جمهور القبيلة أو القرية
وترضي أذواقهم أصبحت القصيدة تخاطب جمهورا أعرض
وأذواقا متفاوتة. ناهيك عن الرقابة التي يفرضها
الذوق العام والعرف الاجتماعي. وهناك من ينظم
القصائد على أمل أن تحظى بإعجاب أحد المغنين
البارزين ليلحنها ويغنيها. والقصيدة المغناة
بطبيعة الحال لها خصائصها المميزة وطابعها الخاص.
هذا التغير في وسائل نقل الشعر وتداوله نتج عنه
تحولات في البنية اللغوية والحبكة الفنية للقصيدة.
القصيدة المقروءة غير القصيدة المسموعة والقصيدة
المغناة غير المسرودة والمروية شفهياً. عصرنا هذا
عصر سريع ومزدحم. فالحيز المكاني لنشر القصيدة في
المجلة أو الجريدة مثلاً ضيق، والحيز الزماني لبث
القصيدة عبر المذياع أو التلفاز أو عبر الشريط أو
الاسطوانة أيضا محدود. هذا يؤدي إلى اختصار
القصيدة واختزالها ويضطرك إلى أن تقول في عشرة
أبيات ما يقال عادة في خمسين بيتا. لابد وأن تكون
القصيدة مكثفة في لغتها مكتنزة في صورها تعتمد على
الإيحاء لا التقرير المباشر وأن تكون وحدتها وحدةً
عضوية مستمدة من وحدة الموضوع والفكرة لا وحدةً
ميكانيكية مستمدة من وحدة الوزن والقافية.
وحينما نتحدث عن التجديد في شعرنا العامي، فإن
المقصود ليس المعنى القريب والمفهوم السطحي لكلمة
تجديد، كأن يبعث الشاعر مثلاً مندوبه على سيارة أو
طيارة أو حتى صاروخ بدلاً من الناقة. هذا ليس
تجديداً بقدر ما هو تكيف طفيف مع الأوضاع
المتغيرة. هذا ليس تجديداً لأن الموضوع هو
الموضوع، الذي تغير فقط هو طريقة التعبير. لكي
يصبح التغيير تجديداً حقيقياً لابد أن يطال
الأدوات الفنية التي يتوسل بها الشاعر والمادة
الخام التي يشكل منها فنه الشعري، بما في ذلك
الكلمة والمعنى والصورة والوزن والإيقاع
والموسيقى، وكل ما يتعلق بجماليات القصيدة
وأغراضها الفنية ووظيفتها الإنسانية. التجديد
الحقيقي هو تجاوز المألوف والمعتاد وتوليد لغة
شعرية طرية بكر تأخذ بذهن المتلقي وشعوره إلى
مساحات أرحب وعوالم أسمى من الإبداع والخيال.
التجديد الحقيقي، أن تتزاحم أمام المتلقي صورٌ
وأخيلةٌ وتراكيب شعرية تحرك اللاوعي وتستثير كوامن
النفس وتجعل الإنسان يقف مندهشاً أمام شيء لا عهد
له به من قبل. هذا التطور الفني حوّل النفس
الملحمي والأجواء الدرامية والألفاظ الفخمة في
القصيدة الكلاسيكية إلى صور رشيقة ولغة عذبة
وأوزان راقصة قابلة للتلحين والغناء. تمعّن في قول
مساعد الرشيدي:
إيه اعرفك واعرف اني من غلاك
اجهلك // مرات اضمّك واخاف اني مْشبّه عليك
مرّات اشوفك بنفس الوقت
واتخيّلك // وانشد كفوفي عن آخر سالفه من يديك
ما قلت لك عمر سيف العشق ما
يقتلك // ما تشوفني حي قدامك وانا اموت فيك
اشتقت لك قبل اجيك وجيت واشتقت
لك // البارحه طول ليلي بين هذي وذيك
مليت جمر انتظارك واستحيت
اسألك // وحسبتني ما بعد جيتك وفكرت اجيك
أثرك بقلبي من البارح وانا
استعجلك // واثري نسيتك من الفرحه وقمت احتريك
لقد استطاعت الكلمة الشعرية التي أبدعتها قرائح
الشعراء المجددين أن تحقق عدة أغراض فنية، بل
ووطنية أيضاً. لقد دفعت كلماتهم الأغنية السعودية
إلى أن تتخطى حدودها الإقليمية وتلقى صدى واسعاً
وتقبلاً ورواجاً في مختلف أرجاء الوطن العربي
الكبير. وهذا في رأيي كسب كبير ينبغي التنويه به
والتأكيد عليه. والمكسب الآخر الذي يلزم التأكيد
عليه هو أن المملكة بمساحاتها الشاسعة ولهجاتها
المختلفة ومناطقها الثقافية المتفاوتة وطبقاتها
الاجتماعية المتباينة في أذواقها وإدراكاتها أصبح
لها الآن طابع فني وغنائي موحد متفق عليه ويتذوقه
الجميع. لقد تم ذلك بفضل النصوص الغنائية السلسة
في لغتها والبسيطة في تركيبها. وكان
للقصيدة-الأغنية دور فعال في توحيد هذا الوطن
ثقافياً وصبغه بصبغة فنية واحدة أضفت بعداً جديداً
لوحدته السياسية والاجتماعية.
ومثلما أدت وسائل النشر والإعلام الحديثة إلى
تلاشي التضادية بين الرواية الشفهية من جهة
والتدوين الخطي من ناحية أخرى، أدى محو الأمية
وانتشار التعليم إلى اضمحلال التضادية بين الأمي
والمتعلم، بين العامي والفصيح، وإلى هدم الحواجز
اللغوية التي كانت تعزل شعراء العامية عن الأدب
الفصيح. شعراء العامية في وقتنا هذا أناس متعلمون
يحملون شهادات ولهم اطلاع على مجمل التيارات
السائدة في ساحة الأدب الفصيح ومستوعبون لمختلف
التجارب الحديثة في الشعر العربي ومتأثرون بها. بل
إن بعض شعرائنا الشباب الذين ينظمون بالعامية لهم
إلمام بالآداب العالمية، وخصوصا الغربية، إما عن
طريق قراءة الأعمال المترجمة، أو عن طريق الاطلاع
المباشر على هذه الآداب العالمية بلغاتها الأصلية.
لقد تعددت منابع الإلهام وتنوعت مصادر المعرفة
التي يغترف منها شعراؤنا الشباب لإثراء تجاربهم
الإبداعية. لم يعد شعراء الأغنية عندنا وشعراء
العامية الشباب يعتمدون فقط على التراث النبطي
كمرجعية أدبية. إنهم بقدر ما يشعرون بالقرب من ابن
لعبون والهزاني، فإنهم كذلك يحسون بأنهم زملاء
لشعراء العامية الآخرين في عالمنا العربي من مظفر
النواب وأحمد فؤاد نجم والأبنودي وميشال طراد إلى
رياض السنباطي وفيلمون وهبه وشعراء الأغنية
الآخرين في مصر وبلاد الشام. كما أن شعراءنا
الشباب على اتصال وثيق بالتجارب الفنية والغنائية
في عالمنا العربي مثل تجارب الرحابنة ومرسال خليفة
والشيخ إمام. وهم يقرأون لسميح القاسم ومحمود
درويش والسياب والبياتي ونزار قباني والقصيبي
وسعاد الصباح وعبدالعزيز المقالح والصيخان والحربي
والثبيتي والدميني، ويقرأون أيضا لأدونيس وجابر
عصفور وأنسي الحاج. إنهم شباب مثقف ومطلع وملتزم
وعصري في سلوكه وفي طريقة تفكيره. لقد أصبح إنتاج
شعراء العامية الشباب في منطقة الخليج والجزيرة
العربية يشكل رافدا أساسيا من روافد حركة الشعر
العامي في منطقتنا العربية. وعامية هذا الشعر
عامية مثقفين قريبة في المفردة اللغوية وفي الصورة
الشعرية من النسج الفصيح، وهي ليست مغرقة في
المحلية بحيث يستغلق فهمها على أي مستمع عربي
نبيه، حيثما كان موطنه.
أعلي
كشف بالقصائد القديمة
ومصادرها
سنورد فيما يلي قائمة بالمصادر الخطية والمطبوعة
التي قمنا بمسحها لاستخراج ما تتضمنه من أشعار
قديمة. وقد رتبنا هذه المصادر حسب الأقدمية
مبتدئين بالمصادر المخطوطة تليها المصادر المطبوعة
وأوردناها بشكل مختصر وعلى من يريد معلومات أوفى
عنها الرجوع إلى قائمة المراجع الشاملة في آخر هذا
الكتاب. كما وضعنا أمام كل مصدر شكله المختزل كأن
نقول دخيل للإشارة إلى مخطوطة سليمان بن صالح
الدخيل كتاب البحث عن أعراب نجد وعما يتعلق بهم،
أو أن نقول لويحان للإشارة إلى مجموع عبدالله
الـلويحان روائع من الشعر النبطي.
هوبير
المخطوطات التي جلبها هوبير معه من حائل.
حســاوي
المخطوطة التي اشتراها ألبرت سوسين من محمد
الحساوي في بغداد.
سوسين
الجزء الأول من ديوان ألبرت سوسين
Diwan aus Centralarabein.
ذكير
مخطوطة اطلعت عليها عند الزميل عبدالرحمن الذكير.
دخيل
مخطوطة سليمان صالح الدخيل
كتاب البحث عن أعراب نجد وعما يتعلق بهم.
ربيعي
مخطوطات الربيعي الموجودة في مركز ابن صالح
بعنيزة.
ابن يحيى
مخطوطات ابن يحيى الموجود منها نسخة مايكروفيلم
بمكتبة جامعة الملك سعود.
عمري
مخطوطات العمري الموجود نسخ خطية منها بمكتبة
جامعة الملك سعود.
حاتم
عبدالله بن خالد الحاتم
خيار ما يلتقط من الشعر النبط (ج1)
1952/1372.
لويحان
عبدالله الـلويحان روائع من الشعر النبطي
1961/1381.
رشيدي
مسعود بن سند الرشيدي
التحفة الرشيدية (ج2) 1969/1389.
فهيد1(1)
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج1،ط1) 1978/1398.
خليفة
الشيخ عيسى بن سلمان الـخليفة روضة الشعر
(ج1) 1980/1400.
أصقه
شاهر محسن الأصقه
البركان 1982/1402.
حميداني
عبيسان الحميداني نفحات من الجزيرة والخليج
العربي 1982/1402.
فهيد3
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج3) 1983/1403.
هطلاني1
سليمان الهطلاني وعبدالرحمن العقيل شعراء عنيزة
(ج1) 1984/1404.
مطيري
طاهرالمطيري ديوان الأمراء وتحفة الشعراء
1987/1407.
هطلاني
محمد الهطلاني الدرر الممتاز من الشعر النبطي
والألغاز 1987/1407.
حربي
فايز موسى الحربي أشعار قديمة تنشر لأول مرة
( ج1) 1990/1410.
فهيد5
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج5)1990/1411.
عريفي
براهيم بن سعد العريفي الخالدي ديوان العريفي
1991/1411.
فهيد1(2)
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج1، ط2) 1992/1413.
فهيد6
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج6) 1992/1413.
يوسف
سعود اليوسف أشيقر والشعر العامي
1995/1416.
عماري
مبارك عمرو العماري
الإتحاف من شعراء الأسلاف 1997/1418.
فهيد8
منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في الجزيرة
العربية (ج8) 1999/1419.
بعد قائمة المصادر نورد كشفا بحصيلة الأشعار
القديمة التي ظفرنا بها من خلال النظر في هذه
المصادر، وهي الحصيلة التي استندنا إليها في تتبع
بدايات الشعر النبطي واستعراض نتاج الحقب الأولى
منه. يتضمن الكشف أسماء الشعراء النبطيين القدامى
مرتبين حسب أولوية ورودهم في فصول الكتاب ومسرودا
بعد كل شاعر مطالع القصائد التي عثرنا عليها له في
المصادر. ومسرودا بعد كل مطلع المصادر التي وردت
فيها القصيدة بمختلف رواياتها. ونورد المصادر بعد
المطالع بشكلها المختزل مرتبة حسب الأقدمية. وقد
يتضمن الاختزال رقما هو عبارة عن رقم المجلد أو
الجزء أو الكراس في حال كون المصدر المخطوط أو
المطبوع يتألف من عدد من الأجزاء أو المجلدات أو
الكراسات، كأن نقول عمري 51 للإشارة إلى الكراس 51
من كراسات العمري المخطوطة، أو أن نقول هطلاني1
للإشارة إلى الجزء الأول من مجموع سليمان الهطلاني
وعبدالرحمن العقيل شعراء عنيزة الشعبيون
المنشور بتاريخ 1984/1404، أو أن نقول فهيد1(2)
للإشارة إلى الطبعة الثانية من الجزء الأول من
مجموع منديل الفهيد من آدابنا الشعبية في
الجزيرة العربية المنشور بتاريخ 1992/1413.
يلي المصدر المختزل ومفصولا عنه بنقطتين مترادفتين
نكتب رقم الصفحة التي تبدأ فيها القصيدة في
المصدر، ثم نضع نقطتين مترادفتين مرة أخرى لنكتب
بعدهما عدد أبيات القصيدة بروايتها الواردة في ذلك
المصدر. ونضع علامة الاستفهام ؟ في حال عدم تأكدنا
من عدد أبيات القصيدة في المخطوطة أو عدم تأكدنا
من رقم الصفحة التي تظهر عليها. وفي حال وجود أكثر
من مصدر نفصل كل مصدر عن الذي يليه بخط مائل
هكذا/. وعلى هذا الأساس يمكن للقارئ أن يتعرف على
المصادر، المخطوطة والمطبوعة، التي استخلصنا منها
أي نموذج من النماذج الشعرية التي ترد في فصول
كتابنا هذا.
لن نورد في هذا الكشف نتاج الشعراء المتأخرين بل
سوف نتوقف عند سقوط الدرعية. كما لن نتعرض
بالتفصيل لشعراء القرن الحادي عشر والثاني عشر
المشهورين الذين كتب الكثير عنهم مثل حميدان
الشويعر ومحسن الهزاني وغيرهم ولن نستقصي أخبارهم
ولا إنتاجهم الشعري ولن نورد لهم من الشعر إلا ما
تدعو إليه ضرورة السياق. ومع ذلك فإن الكشف سيتضمن
الكثير من الأسماء المعروفة بالإضافة إلى أسماء
شعراء لا نعرف عنهم شيئا، ولا حتى أسماءهم
الحقيقية، ولا متى عاشوا ولم تحفظ لنا المصادر إلا
النزر اليسير من أشعارهم التي يتراءى لنا من
مفرداتها وتراكيبها اللغوية ومن نهجها في الوزن
والقافية أنها من النماذج القديمة.
وسوف يلاحظ القارئ أننا لم نورد شيئا من أشعار بني
هلال ولا الضياغم ولا شايع الأمسح ولا حتى راشد
الخلاوي لعدم قدرتنا على تحديد أزمنة هذه الشخصيات
ولما يشوبها من مسحة أسطورية وما يلفها من من غموض
ولأن معظم هذه الأشعار وصلتنا عن طريق الرواية
الشفهية.
عرار بن شهوان
يقول عرارٍ قول من ضل واقف //
على الدار يرثي بالدموع الذرايف
هوبير1:70:13/ذكير:170:55/ربيعي 12:285:55/ابن
يحيى 2:454:56/عمري 90:؟:56/حاتم:199:56
أبو حمزة العامري
زار الخليل خليل قاصى المنزلِ
// يحدى إلى خفق السماك الأعزلِ
ذكير:14:56
طرقت أميمٌ والقلاص سجودا //
والنجم هاوي كنه العنقودا
ذكير:35:70
النفس لا بعْسارها ويْسارها //
ولا تنل غدٍ يمينها ويسارها
ذكير:23:49
هل في الوصال إلى الخليل سبيلا
// والموت يشعب لام كل خليلا
ذكير:19:54
يامل قلبٍ لو نهيته ما سلا //
مستايسٍ ما يقتوي صبر ولا
ذكير:21:37
حي المنازل من قادات الاطلالِ
// من حيث ينقاد جاري الما الى سالِ
هوبير3:6:31/ذكير:16:32/ربيعي12:284:31/ابن
يحيى2:710:32/حاتم:22:35
ياخلتي عوجوا بنا الانضاءِ //
نبصر بدارٍ عذبة الجرعاءِ
حساوي:91:49/سوسين:170:49/ذكير:18:42/دخيل:18:66/ربيعي12:281:72/ابن
يحيى2:724:43/حاتم:23:45/فهيد3:30:42
ابو ظاهر
محلك فوق هام السبع سامي //
وصيتك شايعٍ بين الأنامِ
ربيعي12:284:25/ربيعي24:22:25/ابن
يحيى1:350:25/عمري51:6:25
ابن غنام
سعود الليالي عن نحوس النوايب
// تزهّت بلذات الليالي العجايب
ربيعي12:288:45/عمري100:20:44/عماري:40:44
الكليف
زهت الديارُ بحسنِها وجمالِها
// واستبشرت بالعز روس رجالها
ذكير:43:94/ربيعي12:298:105/ابن
يحيى1:321:100/حاتم:39:100/فهيد3:22:48
إلى الله أشكي ليعةٍ ما دْري
بها // جمارٍ ولا عند البرايا حْكي بها
ربيعي8:486:68/ابن يحيى1:325:68/حاتم:37:66
ابن زيد
يقول ابن زيدٍ قول راعي مثايل
// مقالٍ على كل الرواة مكاد
دخيل:303:42
يقول ابن زيدٍ قيل باني مثايل
// جدادٍ قوافيها غريبٍ عقودها
دخيل:317:17
يقول ابن زيدٍ قول من شَدّ
ضامر // جماليّةٍ من عيدهيّات نوقها
دخيل:314:29
أرى الحب بالهجران يمحى ويمتحي
// وحبي لحسنا طول الايام عالق
دخيل:316:20
يقول ابن زيدٍ قيل راعي قلايص
// إلهن بالاوزا لا يزال مهين
دخيل:320:14
لمن ربع دارٍ بين الاجلاد
واللوى // محا النقش من آثارهن العلايم
دخيل:309:33
ألى لا أرى حيٍّ تدوم حياته //
ولا إلفٍ إلا عن أليفٍ مفارق
دخيل:312:28
يقول ابن زيدٍ قيل باني مثايل
// جداد البنا للفاهمين تشوق
دخيل:318:32
إلى الله شكوى فوت لاما قبيله
// قمينٍ بها بَتّ القوي من خصيمها
دخيل:311:24
ابن حماد
يقول ابن حمادٍ ومن لا يكوده
// مثايل ترثى بالهجا وتعاد
دخيل:306:47
جعيثن اليزيدي
رخا العيش ضِمْنٍ فى اقتحام
الشدائد // ونيل المعالي في لقى كل كايد
ابن يحيى2:718:19/فهيد3:21:10
ابا الموت لا يبقى التلى
والاوايل // وظل الصبا عن شارق الشيب زايل
حساوي:36:51/دخيل:328:52
تصاريف الزمان الى الزوالِ //
فعش ما عشت في طلب المعالي
حساوي:31:48/ذكير:165:23/دخيل:268:42/ربيعي8:367:47/ابن
يحيى2:720:47/عمري90:5:47/فهيد3:19:47
يقول وهذا للفتى بن مبارك //
ولا يدرك العليا من الناس غادر
دخيل:324:37
عامر السمين
مُحال انّي أصافي غير صافي //
أو اسمح بالوداد لغير وافي
ربيعي15:70:35/ابن
يحيى1:351:37/عمري8:1:36/هطلاني:117:30
قم قام ناعي من يقيم على الغما
// واعزم على صعب الأمور فربما
حساوي:54:32
انا اتكالي على ذي القوة
العالي // ربي سنادي وعتقادي بآمالي
ربيعي8:476:69/ابن
يحيى1:327:56/حاتم:44:50/هطلاني3:38:56
لمن طللٍ بين الخمائل والخالي
// خلا واختفى عن منزله بالخلا الخالي
حساوي:13:24/ذكير:166:51/ربيعي8:479:66/ابن
يحيى1:330:65/عمري8:7:53/حاتم:60:65/هطلاني3:43:66
قم أيها الرجل المقل المعدم //
فالعجز باب مذلة لو تعلم
ذكير:168:51/ربيعي12:280:50/ربيعي24:217:50/عمري8:4:50
نيل العلى بالتقاك الهول
والنصبا // وعن مصاحبة العزم الحشوم أبا
دخيل:285:32
عسى تجود الليالي بالمنى وعسى
// نحضى بقرب تداني ظبية الوعسا
دخيل:287:28
يامرحبا بالذي قد زارني وهن //
والليل ثوبه فوق الأرض قد طاحِ
دخيل:289:23
يقول ابو سلطانٍ فتى الجود
عامر // الاقوال من الاجود ما نستعيرها
حساوي:45:24/ربيعي15:71:22/عمري8:10:22
موافق
بان الخليل ومن نهوى عن القمن
// ومنه حبٍّ بلاجي القلب قد مكن
دخيل:233:28
العليمي
يازاير في عمانٍ قبل ينجالِ //
جنح الدجى والملا بالنوم ذهّالِ
هوبير3:33:36/حساوي:136:9/دخيل:296:39/ربيعي1:171:36/ابن
يحيى1:54:30/حاتم:25:31/فهيد3:28:8
ألى ياأيها المترحّلينا // على
اكوار النضا ياراشدينا
هوبير3:31:58/ربيعي1:173:64/ابن
يحيى1:537:54/حاتم:26:52/فهيد3:25:24
بدا بالقيل من قلبه حزين //
وجيع في حب الطفلتينِ
ابن يحيى1:541:24
بركات الشريف
عفى الله عن عينٍ للاغضا
محاربه // وجسمٍ دنيفٍ زايد الهم شاعبه
هوبير1:23:37/هوبير3:8:27/حساوي:160:21/سوسين:128:41/دخيل:290:39/ربيعي1:159:54/ربيعي5:32:54/ابن
يحيى1:128:57/عمري51:14:53/حاتم:48:51/خليفة:110:55/أصقه:189:51
يقول بركات الحسيني الذي له //
جوادٍ ما تِدَنّى للمبيعه
هوبير3:19:40/ربيعي1:161:28/ربيعي5:35:28/ابن
يحيى1:130:28/عمري51:9:28/حاتم:50:27/خليفة:113:28
إلى كم لا تجود الدمع عينا //
من الفرقا ولا الغالي معينا
هوبير3:9:23/ربيعي5:36:29/ابن
يحيى1:137:22/خليفة:110:22
الشعيبي
زار وسرى جنح الدجى وتجرهدا //
وانجال جلباب الظلام الأسودا
هوبير3:10:45/حساوي:131:65/ذكير:141:53/ربيعي8:303:66/ربيعي24:105:66/ابن
يحيى2:74:63/عمري72:6:73/حاتم:54:72/هطلاني3:32:66/فهيد8:129:70
أطلب له ديار الديار الممحل //
يعتادها نو السعود المقبل
هوبير3:9:51/حساوي:135:62/سوسين:154:62/سوسين:157:51/ذكير:67:55/ربيعي8:299:80/ربيعي24:101:80/ابن
يحيى2:743:81/عمري72:1:83/حاتم:57:85/هطلاني3:25:79/فهيد8:132:82
عبدالرحيم المطوع
يقول التميمي الذي شب مترف //
مدى العمر ما شا في زمانه جاه
هوبير1:39:25/هوبير3:39:49/ابن
يحيى2:734:42/رشيدي:79:23/فهيد1(1):200:40/فهيد1(2):217:40/يوسف:24:61
ألى ياحماماتٍ بعالي وشيقر //
وراك فرقٍ والحمام ربوع
ربيعي9:47:13/ابن
يحيى2:734:13/عمري90:21:13/يوسف:34:18
أبحت العزا ياشكر في راس مرقب
// وجرّيت بالحانٍ عَلَيّ عْجاب
ابن يحيى2:717:16/يوسف:32:18
حورية العين حورا الجبين // من
البدو من شافها يهبلِ
يوسف:31:26
ياجانيات العصفر الغض بالضحى
// عليكن يانجل العيون سلام
يوسف:36:5
شكر الشريف
يقول الفتى شكر الشريف ابن
هاشم // شوف الديار الخاليات يروع
عمري90:23:28
فيصل الجميلي
يقول الجميلي والجميلي فيصل //
وانا موقفٍ والدمع جاري وحايم
ابن يحيى1:117:14/عمري90:؟:10/فهيد3:47:13
يقول الجميلي والجميلي فيصل //
وراسه من لَيّ العمامه باد
ابن يحيى1:117:16/عمري90:؟:7/فهيد3:48:11
يقول الجميلي والجميلي فيصل //
على دالهاتٍ كنهن جمال
عمري90:؟:5
يقول الجميلي والجميلي فيصل //
ما للعذارى بالجميل عهود
عمري90:؟:6
يقول الجميلي والذي بات ما غفا
// عينه غمر ريش المواقي دموعها
فهيد5:220:1
غانم الجميلي
يقول الجميلي الذي بات ما غفا
// بعينٍ برى ريش المواقي دموعها
دخيل:261:34
عبدالله بن زيزير
أيامن لورقا تالي الليل سوجعت
// بجبّارةٍ فيما على من فروعها
دخيل:263:25
رميزان بن غشام
باح الغرامُ إلى ناحت حمايمه
// وساعف الشوقُ ما هبّت نسايمه
دخيل:231:23
الدار زينتها مَعَ نَزّالها //
ومغبّره واهل الديار جمالها
ابن يحيى1:82:48/عمري26:34:13
قريعة ما بالغير ما منك عايده
// وما بالورى من سيّدٍ فانت سايده
ذكير:78:24/ربيعي12:133:24/ابن
يحيى1:69:24/عمري26:4:24/هطلاني:30:24
يعيب جميلات الامور امتنانها
// ولا فايتٍ من صالحٍ باكتنانها
ذكير:87:52/دخيل:282:52/ربيعي12:134:52/ابن
يحيى1:70:52/عمري26:10:52/هطلاني:19:52
قف بالديار الدامرات نفيدها //
بشرى لها بشرى بطلعة سيدها
ابن يحيى1:111:28/عمري26:38:27
مكارم الاشيا باجتناب المحارم
// ونيل المعالي باحتمال المغارم
دخيل:326:34/ابن يحيى1:113:35/عمري26:36:32
لمثلك في ترك الجواب جواب //
كذلك في ترك العتاب عتاب
ذكير:84:40/ابن يحيى1:110:42/عمري26:39:40
على الدار تلقى صاحبٍ غير تاعب
// فقل لي فانا فكّرت في غير تاعب
ذكير:86:28/ربيعي12:139:28/ابن
يحيى1:74:28/عمري26:8:28
تحقق عرفاني رسومٍ مبيدها //
زمانٍ لياليه الجفا من وكيدها
ذكير:79:64
أدر ذكر نيّات العواد البوارع
// عَلَيّ وعلّلني بما كنت سامع
ذكير:90:34/دخيل:235:67/ربيعي12:138:35/ابن
يحيى1:77:35/عمري26:15:35/هطلاني:31:35
مقامك في دار الهوان هْبال //
فقم قام ناعي من جداه نوال
حساوي:95:56/ذكير:172:63/دخيل:249:56/ربيعي12:130:63/ابن
يحيى1:67:63/عمري26:1:63/حاتم:76:56/أصقه:245:26/مطيري:371:38/هطلاني:25:56/فهيد5:238:62
ملام الفتى حوباه مما يهيمها
// وتصديعها يدني لها من نعيمها
ذكير:123:51/دخيل:279:47/عماري:167:51
كن للزمان على أي حالٍ صاحبا
// فمن الزمان لأخي الزمان عجايبا
حساوي:48:38/ذكير:82:37/دخيل:240:30/ربيعي12:146:38/ابن
يحيى1:95:37/عمري26:17:38/حاتم:87:38/مطيري87:379:38/هطلاني:27:38
يد البين بالدنيا على الناس
غاشمه // ولا هي لحيٍّ من فراقه بحاشمه
ذكير:89:46/ربيعي12:136:46/ابن
يحيى1:75:46/عمري26:13:45
هلا ما همل وبل السما من
شبارقه // أو ما تلالا في طها الغيم بارقه
ذكير:68:34/ربيعي12:132:32/ابن
يحيى1:79:32/عمري26:29:32/حاتم:91:33/هطلاني:14:33
يارب حي اليوم علمٍ لفى به //
من الناس صدّاق الحكايا صميلها
دخيل:233:38
زارت وكل العالمين هْجوع // من
لا اهتنا بوصالها ممنوع
ذكير:117:25
حَيّ النبا عدّة جميع الناس //
وعدّة هبايب ذاري النسناسِ
هوبير3:42:28/ذكير:28:31/دخيل:266:26/ربيعي12:145:28/ابن
يحيى1:93:32/عمري26:26:28/حاتم:97:28/هطلاني:17:28
ياجبر هو ضيم الليالي ينجلي //
أو هو يْخَيّم في حشاي ويطولِ
هوبير1:38:34/ذكير:46:54/ربيعي12:141:59/ابن
يحيى1:84:54/عمري26:21:53/حاتم:79:55/هطلاني:21:55
دنيا تغيض أيامها وشهورها //
وسنينها تسقي الرجال مرورها
ذكير:73:40/دخيل:195:38/ربيعي12:129:40/ابن
يحيى1:87:40/حاتم:83:37/هطلاني:11:39
لعل الحيا ياجبر يعتاد داركم
// بْنَوٍّ حقوقٍ صادقاتٍ مخايله
دخيل:244:42/ابن
يحيى1:80:45/عمري26:31:45/حاتم:78:33/هطلاني:23:33
خير الليالي لذّةٍ في سعودها
// وصفوة معاني كل شيٍّ يكودها
دخيل:257:58/ابن يحيى1:91:13/ابن
يحيى1:115:37/فهيد1(1):268:30/فهيد1(2):275:30/مطيري:375:30/هطلاني:13:29
ياجبر في مفضى الجويقا ولو بقت
// وحاش المحاني مزمناتٍ دمونها
ذكير:77:26/ابن
يحيى1:112:26/عمري26:42:25/هطلاني:29:26
ياجبر عِذّالٍ هنا يعذلونني //
يلومونني قد سم حالي ملامها
ذكير:122:34
ياجبر ما ينسى رفيقٍ رفيقه //
الى عاد منسوب الجدود عريق
ذكير:81:26/دخيل:230:24
مْغير غراب البين ناعي وناعق
// وصرف النيا بين المحبّين فارق
ربيعي12:140:55/ابن
يحيى1:72:60/عمري26:5:59/هطلاني:32:33
رشيدان بن غشام
يقول رشيدان التميمي مثايل //
تراهن لاخيار الرجال ثبات
دخيل:275:33/ربيعي12:149:33/ابن
يحيى1:98:33/عمري26:43:33/حاتم:90:33
قم من ربا عرصات هجرٍ ضاربا //
درب الرشاد على سناد الغاربا
حساوي:51:38/ذكير:83:37/دخيل:242:32/ربيعي12:148:37/ابن
يحيى1:96:38/عمري26:19:37/حاتم:89:37
هوى النفس في ميدانها يستميلها
// وداخل داها من دواها دخيلها
دخيل:277:34
جبر بن سيار
سقها وسرها ليلها ونهارها //
متعمّدٍ زراجها وغتارها
ذكير:156:56/ربيعي12:150:56/ابن
يحيى1:99:51/عمري91:6:59/حاتم:85:51/هطلاني:15:51
ينبيك عن حقد القلوب اعيانها
// فيها انكسارٍ واضحٍ باجفانها
ذكير:127:28/هطلاني:35:28
بالله اثر شوف النظير تعاس //
شقا لقلب المبتلى وافلاسِ
هوبير3:41:33/ذكير:27:27/دخيل:264:31/ربيعي12:145:26/ابن
يحيى1:92:37/عمري26:28:26/حاتم:96:26
أهلا عدد ما سال طعسٍ معتلي //
أو ما إمامٍ في مهاميه تلي
ذكير:48:38/ربيعي12:143:39/ابن
يحيى1:86:38/عمري26:24:45/عمري91:15:45/حاتم:82:37
النفس دشّت طاميات بحورها //
ولا تقضّت شفّها وسبورها
ربيعي12:154:32/ابن
يحيى1:89:31/عمري91:11:31/هطلاني:36:25
هلا ما هما وبل السما من
مخايله // برسلة من زينات الانوا فعايله
دخيل:247:34
أبحت العزا والعين أبت عن
رقودها // تظل بجارى الما سريعٍ حشودها
ذكير:32:44/دخيل:255:41/ابن يحيى1:90:44
باح قلبي من السد مكنونه //
واضح الشيب ودّي تحنّونه
ذكير:109:25/ربيعي12:152:25/ابن
يحيى1:105:25/عمري91:18:25/حاتم:98:25
الآفات تجري والمقادير صايره
// نياشينها اجسادٍ للاجداث زايره
حساوي:8:34/ربيعي12:157:34/ابن
يحيى1:101:36/عمري91:13:33/حاتم:103:36/عمري91:9:26/حاتم:96:26
فتوق الهواري بالمعادي وقورها
// وحد القنا يقعد صغاها وزورها
ذكير:25:65/دخيل:271:64/ربيعي12:155:66/ابن
يحيى1:102:68/عمري91:2:67/حاتم:101:66
أهلا عدد ما ناض برقٍ وما لاح
// في مزنةٍ هلّت مطرها بتركيد
ابن يحيى1:108:33
ابن دواس
مبتدا رسم الابيات مسنونه //
واجبٍ عند مثلي يعرفونه
ذكير:41:31/ربيعي12:153:31/ابن
يحيى1:106:31/حاتم:99:30
سعود بن مانع
. . . ولي يابن سيار
زايره // وحقٍّ لتصديع العمى في نظايره
دخيل:253:17
جبينان
أضعاف أنوار الغزاله وما لاح
// برقٍ لابن حزمي وما شدّن العيد
ابن يحيى1:107:21
خليل بن عايد
مقصودي الباري مزيل المهمات //
عوني على الحاجات مغنى المفاقير
ربيعي12:158:59/ابن يحيى2:302:60/ابن حاتم:195:60
براك بن غرير
جوابك في مبداه ما نيب عاشقه
// وبالمنتهى أنواه ما هيب لايقه
ذكير:159:47
عجبت لمن داس النيا بالكتايب
// بلا جزعٍ من طارقات النوايب
شريط مسجل:25
محمد بن غرير
إلى سرت يامن فالك الرشد مشمل
// على عيرةٍ قد شاب ملقى وثورها
شريط مسجل:19
عرعر بن دجين
يقول الغريريّ الذي بات ماله
// هوىً غير طلب الطايلات هواه
حساوي:21:54/ربيعي8:483:54/ابن
يحيى1:332:54/حاتم:70:54/فهيد8:136:54
زامل الحسين
يامل قلبٍ كل ما بات همّه //
لطلب العلى والطايلات هواه
حساوي:27:53/ابن
يحيى1:335:52/حاتم:72:53/فهيد8:138:53
زيد بن عريعر
عفى الله عن عينٍ عن النوم
عايفه // ونفسٍ عن الزاد الهني ما توالفه
حساوي:71:26/سوسين:173:26
راعي البير
مراقي العلى صعبٍ تعيبٍ سنودها
// يكود على عزم الدناوي صعودها
حساوي:65:7:4/سوسين:178:74/دخيل:89:78/ربيعي12:289:72/ابن
يحيى1:338:70/حاتم:192:71/خليفة:171:78
عبدالعزيز بن كثير
الاقدار بالتدبير للفكر غالبه
// والايام باسهام المنيات صايبه
حساوي:60:60/عماري:264:59
فايز السريحي
يقول فايزٍ السريحي // وبقعا
ما لحلواه مقار
هوبير3:37:38
عبدالله السيد
زهت دار هجرٍ بعد ما رَثّ
حالها // وبان الوها فيها وحق ارتجالها
ذكير:176:63/ربيعي12:293:63/ابن يحيى1:48:63
هو الدهر دومٍ نايبات نوايبه
// على الناس واسباب المنيّات صايبه
ذكير:130:67/ربيعي12:296:68/ابن يحيى2:768:68
ما حدا الاضعان خِرّيت القفار
// أو زها النوار من باكي سماه
ذكير:135:47/ربيعي:295:47/ابن يحيى:47:47
هديب بن هديب
عفا الله عن عينٍ بالاغضا
يكودها // طيب الكرا من شٍ لجا في كبودها
ربيعي12:291:69
مهنا أبوعنقا
عضّني ناب الزمان وقلت آه //
نابني وانا مْغِرٍّ من بلاه
حساوي:81:37/سوسين:213:37
عُجا لي روس عيراتٍ خفاف //
هجاهيجٍ سليمات الخفافِ
ذكير:51:53/ابن يحيى
:49:52/فهيد1(1):216:52/فهيد1(2):236:52
الارواح لو قفّت عن الموت
هاربه // على آثارها خيل المنيات طالبه
ذكير:49:42/ابن يحيى2:59:43/فهيد3:66:43
دارت بي الدنيا على غير ما
اريد // وازرت بحالي خاينات الليالي
ابن يحيى2:62:23/عماري:414:23
بغى جيش المشيب على الشباب //
ومرجل مهجتي من ذاك شاب
ابن يحيى2:63:43/عماري:411:43
زارني من زار في داجي الظلام
// بالدجا والنوم هادي للعبيد
ابن يحيى2:61:35/عماري:405:35
أيها المستمع نظم ما بالسطر //
إسأل الله يرسل حقوق المطر
ابن يحيى2:51:50
الله من علمٍ لفانا مْسَيّان
// جتنا تخبّر به على الهجن طرشان
ابن يحيى2:55:74/خليفة:84:58
بدا لي من الخل الودود صدود //
وابدى سدود وانهن سدود
ابن يحيى2:58:40/عماري:408:42
هلا ما ناض برقٍ في غمام //
وما اسفر فيه ديجور الظلامِ
هوبير3:12:42/سوسين:140:42/ابن
يحيى2:47:57/حاتم:234:40/خليفة:82:56/فهيد6:247:57
قال من حرّم جميع الغاويات //
غير صافى الخد معسول الشفاة
عماري:403:26
أحمد أبو عنقا
آه واراسي تعلاه المشيب // ليت
ما راسي من الليعات شاب
ابن يحيى2:67:31
ياقلب عن تبع المقفّين ابى
انهاك // واحذر تراعي بالشقا من مخلّيك
رشيدي:81:21
محسن الهزاني
مرحبا ما برق برّاقٍ بماه //
أو ترزّم صوت رعدٍ في جهاه
حساوي:84:45/سوسين:215:45/ذكير:33:49/ابن
يحيى1:148:50
أهلا وسهلا ما تمسّك بالاركان
// حيٍّ وعدّة ما جرى الما وما كان
حساوي:16:؟/عماري:370:14
ياركب يامترحّلينٍ مواجيف //
دواربٍ يشكى بهن الزعانيف
حساوي:88:44/حاتم:149:48
هلا ما سعى ساعي وما سار سارحه
// وما بالهوى كف الهوى صاد صادحه
حاتم:246:29
سرداح يسند على محسن الهزاني
قام الهوى لي والهوى تَوّ ما
بان // وتفتّحت لي من هوى الغي بيبان
حساوي:14:26/عماري:175:32
سعود بن مانع
دع الهون للهزلى ضعاف المطامع
// وشم للعلى بالمرهفات القواطع
ابن يحيى2:722:61/حاتم:186:60
سعود؟
نظرت البوادي بين ... خانس //
فيامن على قلبي غرام الهواجس
دخيل:298:39
عثمان بن نحيط
ما عن مقادير وال العرش منجاة
// لا كل حيٍّ على الدنيا ومن مات
هوبير3:43:27/عماري:319:57
فايز بن نحيط
صدق مقالك وخلاق البريات // إن
الليالي إلى أثرت مِرِياّت
عماري:335:31
أحمد الوايلي
على الناس دالوب الزمان يدير
// وخيل الليالي بالفجات تغير
هوبير3:7:33/حساوي:122:48/ابن
يحيى2:726:48/حاتم:66:48
المشنق
الاشيا إلى والى العباد تصير
// ولا عن مقادير الاله مطير
حساوي:119:17/ابن يحيى2:728:47/حاتم:68:47
قطن بن قطن
يابو محمد لا فجاك امر القدر
// طول الزمان في رغد ما ريت شر
هوبير3:47:25/دخيل:206:28/ربيعي12:367:26/حاتم:28:29/حميداني:354:29/فهيد8:124:29
ابن بسام
ياراكبٍ حمرا زهت دلٍّ حمر //
من ساس هجنٍ كنها ظبيٍ عفر
هوبير3:48:50/دخيل:208:54/ربيعي12:368:53/حاتم:29:61/حميداني:356:61/فهيد8:125:61
بدا لي نهار السبت رايٍ مبارك
// بكورٍ واحلى كل الاشيا بكوره
عمري90:؟:21
عنا من بنى السمت من غير ساس
// كراجي بنينٍ بليّا مساس
ذكير:76:31/ربيعي12:369:28/ربيعي24:221:28/ابن
يحيى1:348:28/عماري:23:28
سوهجت بي عن هلي لم البوادي //
كل يومٍ لي بضاحي أو بوادي
ذكير:40:37
هوج النضا بالمنى لهْواك عكّاف
// عجلات باليا وحرف الميم والكاف
ذكير:39:30/ربيعي12:370:30/عماري:26:29
آه من خطبٍ لنا ما له نذير //
له كميٍّ بالضمير وله مغير
ذكير:102:41
يقول ابن بسامٍ ومن شد ضامر //
ضروبة حرة عيرةٍ ناتبينها
دخيل:301:44
يقول ابن بسام ومن شام نِيّه
// يسال من الله الكريم يْهدى بها
ذكير:107:50
بنيت انا للغضي بستان الافراح
// عَلْيت مبانيه من حيطان ولْياح
ذكير:42:37/ربيعي12:371:37/عماري:29:37
نبهان السنيدي
يقول نبهان السنيدي بدا البنا
// من القيل عدلات القوافي يجي به
هوبير1:70:25/هوبير3:15:25/ذكير:136:34/دخيل:202:34/ربيعي8:307:34/ابن
يحيى2:775:33/عمري100:18:34/رشيدي:75:31/فهيد6:186:33/هطلاني1:19:د
شايع راعى الجناح
جار الزمان بتفريق المحبينا //
ياليت شعري بها الايام تنبينا
سوسين:239:51/ذكير:100:61/ربيعي24:109:62/ابن
يحىى2:181:62/عمري100:12:61/حاتم:218:60/هطلاني3:49:65/فهيد8:103:61
منصور؟
يامن لعينٍ كل ما ناموا الملا
// لكن من الشب اليماني ذرورها
دخيل:321:17
عطيفه بن مقبل
يقول الحسيني الذي هاض ما به
// عجاريف دنيا كاثراتٍ امورها
دخيل:322:13
ابن عجلان
يقول ابن عجلانٍ بنفس عزيزه //
بعيد مشاحي غيضها من قريبها
ذكير:31:29
جبارة
يقول جباره والركايب زوالف //
يدير الاريا أيّهن خيار
ذكير:71:39/دخيل:204:40/ابن
يحيى2:732:41/عمري86:7:52/لويحان:272:48/فهيد1(1):275:42/مطيري:47:26:/فهيد1(2):280:43
لو ادري بيوم الرشد نوخت ناقتي
// وسايلت عن خبث الليالي وطيبها
حساوي:57:39/سوسين:201:39/ربيعي1:280:37/ابن
يحيى1:336:37/عمري86:5:37/حاتم:188:37
يقول جباره قيل بادع مثايله //
بدع الغنا عسرٍ على غير قايله
عريفي1:268:12
جري الجنوبي
يقول جريٍّ واشرف اليوم مرقب
// طويل الذرى للريح فيه زليل
حساوي:127:38/سوسين:205:38/ربيعي12:377:50/ابن
يحيى1:542:44/عمري34:4:49/عمري51:2:36/حاتم:34:29/لويحان:284:49/حميداني:211:45/مطيري:56:27
يقول جريٍّ واشرف اليوم مرقب
// طويل الذرى للريح فيه فنون
ربيعي12:378:27/ابن
يحيى1:545:26/عمري34:3:26/حاتم:35:26/لويحان:283:26
يقول جريٍّ واشرف اليوم مرقب
// بنته الذواري مع تقازي مريره
ذكير:70:31/ربيعي12:376:34/ابن
يحيى1:544:34/عمري34:1:38/عماري:62:34/حربي:48:34
ان كان ابو عابد لبس ثوب عارا
// اما تلفّف فيه والا انطوى طي
حربي:48:2
ابن مقرب
دع الدهر ياتي ما يشا من
عجايبه // فما أنت من أقرانه فتغالبه
ذكير:91:28
ابن شذر
صدود الفتى عن من قلاه خيار //
ولا عن مقادير الإله فرار
هوبير3:43:21
ابن رشش
صدود الفتى عن من قلاه خيار //
ولا عن موازين الإله فرار
دخيل:331:24
مهنا بن ذباح
أرى الخل عند الملزمات قليل //
ولا كل من يبدى الرضا بخليل
هوبير3:54:17/ذكير:38:30/ابن
يحيى2:754:33/عمري100:8:37/رشيدي:83:30
ابن جمعان
سلامٍ احلى من الجلاب ناضحه //
واخن من فايح الريحان فايحه
هوبير3:18:39
ابن دلوه
يعيب الفتى سدي الامور الدقايق
// والغدر باقلاد العهود الوثايق
ذكير:126:25
ابن ميمون
يقول ابن ميمون مقالة من طوى
// حباله عن لاما الخليل بياس
ذكير:132:26/ابن يحيى2:719:25
أعلي