العروض
تقطيع الأبيات
أوزان الشعر النبطي
بحور الشعر النبطي وبحور
الشعر العربي
سبق القول إن لغة الشعر النبطي كانت في تغيرها
المستمر تبتعد تدريجيا عن قواعد اللغة الفصحى، تلك
القواعد التي لم يكن أهل الجزيرة وشعراء النبط،
بحكم غلبة الأمية عليهم، على علم بها ولم يسعهم
التقيد بها. كانت لغة الشعر النبطي تتغير وفقا
للتغيرات التي تطرأ على لغة الكلام وكان شعراء
النبط في كلامهم وأوزانهم يستجيبون لسليقتهم
وطبعهم. ومثلما أن شعراء النبط لم يقيدوا أنفسهم
بقواعد سيبويه النحوية فهم كذلك لم يقيدوا أنفسهم
ببحور الخليل الشعرية. بل إن البعض منهم كان يكلف
نفسه في البحث عن أوزان جديدة ومنهم من اشتهر
باختراعه إما لوزن جديد أو لطريقة جديدة في
التغني. والتجديد في الأوزان، مثل التغير في
اللغة، عملية مستمرة ومفتوحة. ولذلك فإنه ليس من
المجدي أن يتوقف بحثنا في أوزان الشعر النبطي على
مجرد محاولة حصر هذه الأوزان، كما يفعل الشيخ
عبدالله ابن خميس (1958: 56-66) والأستاذ شفيق
الكمالي (1964: 76-104، 156-177) والشيخ أبو
عبدالرحمن بن عقيل (د. ت.). مبحث العروض في الشعر
النبطي لا يتوقف عند حد حصر الأوزان بل ينبغي أن
يتعداه إلى إيجاد وسيلة صحيحة لتقطيع أبيات
القصيدة النبطية ومحاولة إرساء قواعد عروضية
تتماشى مع الطبيعة اللغوية والإيقاع اللفظي للشعر
النبطي. إن من يحاول حصر أوزان الشعر كمن يحاول أن
يحصر الجمل الكلامية. هذا مستحيل. الأمر الممكن هو
محاولة الكشف عن القواعد العروضية التي عن طريقها
يتم توليد الأبيات الشعرية مثلما تتولد الجمل
الكلامية من القواعد النحوية. وهذا هو الذي نسعى
إلى تحقيقه في هذا الفصل، وأول خطوة ينبغي اتخاذها
في هذا الصدد هو التعرف على النظام المقطعي في لغة
الشعر النبطي.
تقطيع الأبيات
يتفق الشعر النبطي مع الشعر الفصيح في أن التفعيلة
فيه والوزن يقومان على عملية المزج والتركيب بين
المقاطع الطويلة والمقاطع القصيرة، أي أنه وزن كمي
يقوم على عدد المقاطع ونسبة الطويل منها إلى
القصير وطريقة التأليف فيما بينها بشكل منتظم،
موقع. هذا على خلاف الأشعار الأوروبية التي يقوم
الوزن فيها على النبر، أو ما يسمى بالوزن الكيفي.
المقطع، قصيرا كان أم طويلا، هو الحد الأدنى أو
الوحدة الأصغر في الوزن العروضي الكمي تأتي بعده
التفعيلة التي تتألف من عدد من المقاطع الطويلة
والقصيرة، ثم شطر البيت الذي يتألف من عدد من
التفعيلات. وبحكم ازدواج القافية في الشعر النبطي
يكاد يتلاشى الفرق بين العَروض والضرب ليصبح
الشطر، لا البيت، هو الحد الأقصى في القالب
الوزني. تقطيع الشطر الشعري يعني تجريد سلسلة
اللفظ من الدلالة واختزالها إلى مقاطعها الطويلة
والقصيرة، تحويلها من منظومة كلامية إلى منظومة
إيقاعية. وأول خطوة نخطوها في تحويل المحتوى
اللفظي للشطر الشعري إلى نمط إيقاعي هو البحث عن
المقاطع التي تشكل تفعيلات البيت مثلما تشكل
الأصوات، الحروف، كلماته. وهناك طريقة منهجية
معروفة للكتابة العروضية تقوم على مبدأ أن ما ينطق
يكتب وما لا ينطق لا يكتب. ولا يوجد اختلاف يذكر
في هذا الشأن بين العامي والفصيح لذلك سنتبنى
القواعد المتعارف عليها والمشروحة في كتب العروض،
ومن أهمها:
** يكتب التنوين نونا.
** يفك الحرف المشدد ويكتب مرتين، الأولى ساكنة
والثانية متحركة.
** تكتب المدة ألفا كما في بعض أسماء الإشارة ولفظ
الجلالة.
** تزاد واو في بعض الأسماء التي نطقها مثل نطق
داود.
** تحذف ألف الوصل وهمزة الوصل.
عند تقطيع الشطر الشعري نتجاهل حدود الكلمات
ونتعامل مع الشطر كوحدة لفظية واحدة متصلة تتألف
من عدد من المقاطع التي ينتظمها الشطر مثلما ينتظم
الخيط خرز السبحة أو حبات العقد. عملية التقطيع
تحول الشطر من مجموعة من الكلمات إلى سلسلة متصلة
من المقاطع الطويلة والقصيرة مؤلفة مع بعضها البعض
بنظام معين ووفق قالب عروضي موحد يتم تكراره في كل
بيت من أبيات القصيدة، بل في كل شطر من أشطرها. في
هذا اللفظ المتصل تترابط الكلمات مع بعضها البعض
وتتشابك مقاطعها بحيث يمكن للحرف الأخير من الكلمة
أن يشكل مع الحرف الأول من الكلمة التي تليها
مقطعا واحدا. فلو أن لدينا كلمة يلتقي في بدايتها
ساكنان فإن أولهما يلتصق مع الساكن الأخير من
الكلمة السابقة ليشكل معه مقطعا طويلا. فعبارة
"شاف عْياله" تصبح عند التقطيع "شا+فِعْـ+يا+له"
و"ناقة مبارك" تصبح "نا+قَـ+تِـمْـ+با+رَك". ولا
فرق في هذا الصدد بين الصوت الساكن وصوت اللين
ولذلك فإن "قالوا بكيفه" تصبح
"قا+لَـ+وِبْـ+كيـ+فه"، كذلك "قام يساوم" تصبح
"قا+ميْـ+سا+وم" و"ثاني وصاتي" تصبح
"ثا+نِـ+يُوْ+صا+تي". ولو أن كلمة من الكلمات تبدأ
بأداة التعريف فإن هذه الأداة تجذب إليها آخر حرف
ساكن في الكلمة السابقة لتشكل معه مقطعا واحدا.
فعبارة "ربعة البيت" تصبح عند التقطيع
"رَبْـ+عَـ+تَلْـ+بيت"، كذلك "شفت الغضي"
<
"شِفْـ+تَلْـ+غَـ+ضِي". أما إذا كانت الكلمة
السابقة تنتهي بألف ممدوة أو مقصورة فإننا نحذف
الألف: "كما الضاري"
<
"كـِ+مَضـْ+ضا+رِي"، "على الفنجال"
<
"عـَ+لَلـْ+فِنْـ+جال"، "صرنا طْماعه"
<
"صِرْ+نَطْـ+ما+عه".
وفي النطق العامي وتقطيع الشعر النبطي نتعامل مع
همزة القطع تماما مثلما نتعامل مع همزة الوصل
فنقطع "قلت اسمع" هكذا "قلـ+تسـْ+معْ" ونقطع "جملٍ
أملح" هكذا "جِـ+مَـ+لِـ+نَمْـ+لَحْ" لاحظ هنا أن
همزة "أملح" اختفت تماما وأننا تعاملنا مع نون
التنوين كما نتعامل مع أي ساكن، وهذا المثال من
الحالات النادرة في النطق العامي التي تتتالى فيها
ثلاثة مقاطع قصيرة. وهناك حالات تشكل فيها الهمزة
مع حركتها مقطعا قصيرا تبتدئ به الكلمة. ولو أن
كلمة أخرى جاءت قبل هذه الكلمة فإن الهمزة تتلاشى
وتلتصق حركتها مع آخر ساكن في الكلمة السابقة
مشكلة معه مقطعا قصيرا؛ خذ مثلا "قام أكل" التي
نقطعها "قا+مَـ+كل" و"جاني أمر" التي نقطعها
"جا+نِـ+يَـ+مِرْ". ولو أن الكلمة السابقة انتهت
بألف فإن الهمزة وحركتها كلاهما يتلاشيان؛ فعبارة
"هذا أحد" نقطعها "ها+ذا+حَدْ".
ويتألف بيت الشعر العربي من شطرين؛ يسمى الشطر
الأول صدر البيت والثاني عجزه. وتسمى التفعيلة
الأخيرة في صدر البيت عَروضاً وتسمى التفعيلة
الأخيرة في عجز البيت ضرباً. وما قبل العَروض
والضرب من البيت يسمى حشوا. ويخضع الشطران لنفس
البحر غير أن تفعيلة العَروض والضرب، التي هي نفس
التفعيلة، قلما ترد بصورتها الصحيحة التامة وقلما
تسلم من بعض التغييرات المقطعية التي تسمى علل
ويلزم التقيد بها في باقي أبيات القصيدة كلها.
والعلل تصيب تفعيلة العَروض وتغير بنيتها المقطعية
بشكل غالبا ما يكون مختلفا عن الشكل الذي تصيب به
تفعيلة الضرب. الاختلاف المقطعي بين العَروض
والضرب يؤدي إلى تحقيق البحر الشعري على عدة
أشكال، ولذلك فإنه يلزمنا لتحديد بحر البيت وشكله
أن نعرف صدره وعجزه لنعرف عروضه وضربه. أما في
الشعر النبطي فإن الميل نحو التنسيق والاتساق
symetry
أدى إلى تقليص الفرق المقطعي بين العَروض والضرب
وأصبحت التفعيلة في هذين الموقعين هي هي دون زيادة
ولا نقصان، ولذلك نجد في الغالبية العظمى من
القصائد النبطية التقليدية أن صدر البيت وعجزه
متساويان تماما في الوزن ولهما نفس الشكل العروضي
ولذلك يمكننا أن نعتبر الشطر، لا البيت، هو الحد
الأقصى في القياس العروضي في الشعر النبطي. وهذا
ما سيتضح لنا من خلال تقطيع الأمثلة التي سنقدمها
في الحال.
إذا أخذنا في الاعتبار القوانين الصوتية ومن ثم
البنية الإيقاعية التي تخضع لها لغة الشعر النبطي
وتقيدنا بها في تقطيع أبيات القصيدة فإن كل بيت
فيها سوف يتحول إلى سلسلة من المقاطع الطويلة
والقصيرة التي تتتابع بنفس الطريقة والانتظام.
وتتراصف أبيات القصيدة فوق بعضها البعض على منوال
واحد، من أول بيت إلى آخر بيت، بحيث تتعامد
المقاطع القصيرة مع المقاطع القصيرة والطويلة مع
الطويلة. وحتى نوضح كيف تتم عملية التقطيع سنقوم
بتقطيع أبيات على ما أسميه بحر المسحوب، وهو
من أكثر بحور الشعر النبطي شيوعا، ووزنه مستفعلن
مستفعلن فاعـلاتن (+ + - +/+ + - +/+ - + +) (+
ترمز للمقطع الطويل، - ترمز للمقطع القصير).
والأبيات التي سنقطعها مطالع لأربع قصائد وهي:
1/عدّيت بالمرقاب واوميت
بالخمْس // واقول ياهجر النيا وين خِلّي
خِلّي عقدني عقدتينٍ بلا لِمْس
// وانا عقدته عقدةٍ ما تْحَلّ
2/ يامَلّ قلبي مَلّ بنٍ
بمحماس // وياهشم حالي هشمها بالنقيره
وياوجد حالي ياملا وجد غَرّاس
// يوم اثمرت واشفا صفا عنه بيره
3/ ياراكبٍ من عندنا صيعريات
// من ساس عيراتٍ عْرابٍ تْلادِ
بنات حرٍ فحّلوه الشرارات //
بالجيش تعني له جميع البوادي
4/ ذْبَحَن عشيري يالله انك
تبيحه // بْسَهْمٍ كساه الريش من سود الاهداب
القلب عيا لا يطيع النصيحه //
ورجلي تسوج بدرب تلعات الارقاب
ويمكننا تقطيع هذه الأبيات على هذا النحو:
مسـتــفــعــلــن
مســــفــعــلــن
فــاعـــــلاتــــن
+
+
-
+
+
+
-
+
+
-
+
+
1/ عد ديـ
تـِ
بَلْـ
مِرْ
قا
بـ
وِاو
ميـ
تـِ
بَلـ
خَمْس
وا
قو
لِـ
يا
هَجْـ رَنـْ
نَـ
يا
ويـ
نِـ
خِلْـ
لي
خِلْـ ليـ
عَـ
قَدْ
نيـ
عِقْـ
دِ
تيـ
ننـ
بـ
لا
لِمْس
وا
نا
عَـ
قَـدْ
ته
عِقْـ
دِ
تِــنـ ما
تـ
حَلْـ
لي
2/ يا مَلْـ
لِـ
قَلْـ
بيـ
مَلْـ
لِـ
بِنْـ
نِنْـ
بِـ
مِحْـ ماس
وْيا
هَشْـ مِـ
حا
ليـ
هَشْـ مَـ
ها
بَنْـ
نِـ
قيـ
رِه
وْيا
وَجـ د
حا
ليـ
يا
مَـ
لا
وَجْـ د
غَرْ
راس
يو
مَثْـ
مَـ
رتـ
وَشْـ فا
صِـ فا
عَنْـ
هـِ
بيـ
رِه
3/ يا را
كِـ
بَنْـ
مِنْـ عِنْـ
د
نا
صيـ عَـ
رِيْـ
يات
من سا
سِـ
عيـ را
تِنْـ
عـ را
بِنْـ
تـ
لا
دِ
بَـ
نا
تِـ
حِرْ
رِنـ فَحْـ
حَـ لو
هَشْـ شَـ
را
رات
بَلْـ
جيـ
شِـ
تِعْـ
نىـ لِهـ
جِـ
ميـ
عَلـ
بـ
وا
دي
4/ ذْبَـ حَنـ
عَـ
شيـ
ريـ
يَلْـ
لَـ
هِنْـ
نِكْـ
تِـ
بيـ
حِه
بْـسَهْـ منـ
كِـ
سا
هَرْ
رِيـ
شِـ
منـ سو
دَ
لَهْـ
داب
الـ
قَلْـ
بِـ
عَيْـ
يا
لا
يِـ
طيـ عَنْـ
نِـ
صيـ حه
وْرِجْـ لِيـ
تِـ
سُو
جِبْـ
دَرْ
بِـ
تَلْـ
عا
تَـ
لَرْ
قاب
لو نظرنا إلى هذا الجدول العروضي من منظور أفقي
فإن كل سطر فيه هو شطر شعري مقطّع. وإذا نظرنا
إليه من منظور رأسي فإن كل عمود فيه هو عبارة عن
خانة عروضية تتراصف فيها المقاطع، الطويل فوق
الطويل والقصير فوق القصير، بشكل منتظم يتمشى مع
القالب العروضي للأبيات. ويتبين لنا من تقطيع
الشعر أن التقاء السواكن الذي نلاحظه في اللفظ
المنثور ليس إلا ظاهرة سطحية تعكس البناء الفوقي
للإيقاع اللغوي. فحينما نقطع أبيات القصيدة نجد أن
السواكن التي حذفت حركاتها القصيرة تقع دائما في
نفس الخانة العروضية التي تقع فيها السواكن التي
لم تحذف حركاتها القصيرة وتتراصف معها بعضها فوق
بعض في نفس العمود، مشكلة بذلك قائمة من المقاطع
القصيرة. أي أن الساكن الذي حذفت حركته القصيرة
يساوي من حيث القيمة الإيقاعية الساكن الذي تتلوه
حركة قصيرة، له نفس القيمة العروضية التي للمقطع
القصير. هذا الاستنتاج النظري مدعوم بدليل عملي.
حينما يتغنى الشاعر أو الراوي بالقصيدة أو ينشدها
أو يلقيها إلقاء متمهلا تعود الحركات إلى تلك
السواكن التي تصطف في نفس العمود مع المقاطع
القصيرة. أثناء التغني أو الإنشاد تسترد السواكن
حركاتها المحذوفة ليشكل الساكن مع حركته مقطعا
قصيرا: "دمعْ عيني"" "دَمْـ+عِـ+عيْـ+ني"،
"تْغَنّي طْيور الما""
"تِـ+غَنْـ+نيْـ+طِـ+يو+رَلْـ+ما". وهذه ملاحظة
سبق وأن نبه لها والين (Wallin
1852: 193)
ودي لاندبرج (Landberg
1895: 17ff).
هذا يدفع بنا إلى التساؤل عن أصل هذه الحركات التي
تعود لتحرك السواكن في وسط الشطر أثناء التغني أو
التقطيع، من أين أتت؟ ما هي جذورها التاريخية؟ هل
هي بقايا عالقة من حركات التشكيل وحركات الإعراب؟
وقد سبق وأن أثار ألبرت سوسين
A. Socin
هذه المسألة في بحثه عن أوزان الشعر النبطي. وقد
لخص البروفيسور هايكي بالفا
Heikki Palva
رأي سوسين بشكل واضح حيث يقول:
ومن أجل كشف القوالب الكمية للوزن
الشعري الكامنة وراء المظهر الخارجي للغة، يلجأ
سوسين إلى إقحام حركات قصيرة لا وجود لها في
القصائد التي تلقى إلقاء. قد يبدو هذا مجرد إجراء
نظري متحيز يقصد منه إيجاد المقاطع القصيرة التي
يلزم إضافتها ليستقيم تطبيق النسق التقليدي في
الوزن الشعري. لكن تحليل سوسين لا يقوم على
اعتبارات نظرية فقط بل تسنده الملاحظات التي سبق
وأن نبه لها والين
G. A. Wallin
بخصوص إقحام حركات قصيرة تتطلبها استقامة الوزن
أثناء التغني بالشعر البدوي أو إنشاده (1852:
193). ولم يتمكن سوسين من صياغة قواعد دقيقة تحكم
إقحام هذه الحركات التي يتطلبها الوزن، ولكن يتضح
من طريقته في الكتابة الصوتية أنها تضاف من أجل
فصل أي مقطع زائد الطول يرد في أي مكان من الشطر
عدا النهاية (س+ح+س+س)، (س+م+س) وتحويله إلى
مقطعين اثنين (س+ح+س)(س+ح)، (س+م)(س+ح) مثل لا حصِ
لا ياقوتِ لا جوهر طلق// لا درِ لا فيروزِ من علقه
ماق. (Socin
1900-1, 1:5). ومع أن سوسين يرى احتمالية تفسير
الحركات القصيرة التي يضطرنا الوزن إلى إقحامها في
نهاية الكلمات على أنها بقايا حركات الإعراب
القديمة، إلا أنه نبه إلى أن عروض القصيدة النجدية
لا تسمح باستخدام الإعراب بشكل متسق. لذلك فقد آثر
اعتبار هذه الحركات القصيرة بقايا عالقة وغير
محددة الأصل يعود أصلها إلى مرحلة أقدم من مراحل
التطور اللغوي، وهي لا توجد فقط في الشعر، بل حتى
في الكلام المنثور. (Palva
1993: 76).
الحركات القصيرة التي تعود لتحرك السواكن داخل
الشطر في الشعر النبطي تحتل نفس المواقع، لكنها لا
تحتل كل المواقع، التي كانت تحتلها حركات التشكيل
والإعراب وتؤدي في المواقع التي تحتلها نفس
الوظائف الإيقاعية التي تؤديها تلك الحركات في
النطق الفصيح وتقرب بذلك النطق العامي من النطق
الفصيح. لكن الحركات العائدة لا تحتفظ بأي من
الوظائف التصريفية أو النحوية التي لها في الفصحى.
إنها تعود وهي مفرغة تماما من أي دلالة؛ وجودها من
الناحية الدلالية كعدمه. قيمة هذه الحركات العائدة
قيمة إيقاعية موسيقية وليست قيمة دلالية لغوية.
إنها لا تعود كفتحة أو كسرة أو ضمة وإنما تعود
كحركة مطلقة لا تستمد قيمتها من تقابلها مع أي
حركة أخرى وإنما من تقابلها مع الساكن لا غير.
إنها بذلك تكون أقرب إلى كونها ضرورة عضلية يحتمها
استحالة النطق بالسواكن دون أن تتخللها الحركات.
لو اقتصر الفرق بين النطق العامي والنطق الفصيح
على حذف حركات الإعراب والتشكيل وعودتها بنفس
الطريقة لما كان لحذفها أي تأثير يذكر على تقطيع
الكلام ولما كان هناك فرق في البنية الإيقاعية
والنظام المقطعي بين الشعر الفصيح والشعر العامي
الذي تعود حركاته المحذوفة أثناء تقطيعه أو التغني
به. لو كان الأمر كذلك لتساوت الكلمة العامية مع
الكلمة الفصيحة، رغم اختلافهما ظاهريا في النطق،
في عدد المقاطع وترتيبها، ولما وجدنا أي صعوبة في
إلقاء بيت فصيح بالنطق العامي أو عامي بالنطق
الفصيح. وفعلا قد نجد أمثلة يكون الفرق فيها بين
النطق العامي والنطق الفصيح لنفس البيت مقتصرا فقط
على حذف الحركات التي تعود أثناء التقطيع بنفس
العدد الذي كانت عليه في النطق الفصيح وتحتل نفس
الأماكن التي تحتلها، ولذلك يمكننا قراءة البيت
سواء بالنطق العامي أو بالنطق الفصيح دون اختلاف
في عدد المقاطع وترتيبها، دون اختلاف في الوزن.
لكن عودة الحركات القصيرة لتحريك السواكن في تقطيع
اللفظ العامي محكوم بقوانين النظام المقطعي للنطق
العامي، التي تختلف إلى حد ما عن القوانين التي
تحكم حركات التشكيل والإعراب في النطق الفصيح.
حينما تحاول الحركات القصيرة أن تعود إلى المواقع
التي كانت تحتلها حركات الإعراب والتشكيل تصطدم
بالبنية المقطعية في اللهجة العامية التي، على
خلاف الفصحى، لا تسمح بتتالي مقطعين قصيرين، كما
سبق وأن بينا. حينما تؤدي عودة الحركات القصيرة
إلى وجود مقطعين قصيرين متجاورين في أي مكان من
الشطر الشعري فلا بد من حذف أحد الحركتين لاختزال
المقطعين القصيرين إلى مقطع واحد، طويلا أو قصيرا،
حسب متطلبات الوزن العروضي للشطر. التقطيع الفصيح
لعبارة "زرت فلان" مثلا ينتج عنه مقطعان قصيران:
"زُرْ+تُـ+فُـ+لان". في التقطيع العامي يختصر هذان
المقطعان القصيران إلى مقطع واحد بواسطة حذف حركة
الفاء فتنجذب الفاء جراء ذلك إلى المقطع القصير
السابق لتغلقه وتحوله إلى مقطع طويل:
"زِرْ+تِفْـ+لان". وخذ كمثال آخر كلمة "متولع" في
قولنا "متولعٍ والقدم حافي" على بحر الهجيني.
تقطيع كلمة "متولع" في النطق الفصيح
"مُـ+تَـ+وَلْـ+لِـ+عُن" ينشأ عنه في البداية
مقطعان قصيران متتاليان. يمكننا أن نختزل هذين
المقطعين القصيرين بتحويلهما إلى مقطع قصير#
(سنوضح بعد قليل المقصود بالمقطع القصير#) وننطقها
"مْتَـ+وَلْـ+لـِ+عِن"، وهذا في الواقع هو نطقها
في الحديث العادي واللفظ المنثور. لكن هذا التقطيع
لا يوائم بحر الهجيني الذي تبدأ تفعيلته مستفعلن
فاعلن فاعل (+ + - +/+ - +/+ +) بمقطع طويل، لذلك
نلجأ إلى الطريقة الأخرى في الاختزال وهي ممكنة
لغويا وتتمشى مع الوزن وتتمثل في اختزال المقطعين
القصيرين إلى مقطع طويل مؤلف من (س+ح+س):
"مِتْـ+وَلْـ+لِـ+عِنـ+وَلْـ+قِـ+دَمـ+حا+في". ولو
مر بنا مقاطع قصيرة متتالية يمكن اختزالها بأكثر
من طريقة فإننا نختار الطريقة التي تتفق مع بحر
القصيدة. عبارة "شَقّق ثيابه" مثلا تقطيعها حسب
النطق الفصيح ينتج عنه ثلاث مقاطع قصيرة متتابعة:
"شَـقْـ+قَـ+قـَ+ثِـ+يا+به"، وفي النطق العامي
يمكن تقطيعها على بحر الهجيني بطريقتين، حسب
موقعها في الشطر؛ إما باختصار المقطعين الأولين من
المقاطع القصيرة الثلاثة إلى مقطع طويل:
"شَقْـ+قَقْـ+ثِـ+يا+بُه" كما في قولنا
"شَقْـ+قَـقْـ+ثـِ+يا+به+عَـ+لَلْـ+غا+لي"/
"شَقَّق ثْيابه على الغالي"، أو اختصار المقطعين
الأخيرين من المقاطع القصيرة الثلاثة إلى مقطع
طويل: "شَقـ+قَـ+قِثْـ+يا+بُه"، كما في قولنا
"عَـ+لََلْـ+غَـ+ضيـ+شَقْـ+قَـ+قِثْـ+يا+به"/"على
الغضي شقق ثيابه". لاحظ أنه مهما كانت الطريقة
التي نقطع بها عبارة "شقق ثيابه" أو كلمة "متولع"
وفق النطق العامي فإننا في النهاية نفقد حركة من
حركاتها القصيرة الموجودة في النطق الفصيح والتي
نضطر لإسقاطها لإفساح المجال أمام اختزال مقطعين
قصيرين متجاورين في مقطع واحد طويل. وينقص تقطيع
النطق العامي للشطر "شَقَّق ثْيابه على الغالي"
حركتين قصيرتين عن النطق الفصيح الذي نقطعه هكذا
"شَـقْـ+قـ+قَـ+ثِـ+يا+بَـ+هُـ+عَـ+لَلـ+غا+لي"
وذلك لتحويل المقاطع الثاني والثالث والرابع وكذلك
المقاطع السادس والسابع والثامن من ثلاثة مقاطع
قصيرة إلى مقطعين طويل وقصير. وهكذا نجد أن
الحركات القصيرة حينما تعود لا تحتل جميع المواقع
التي كانت تحتلها حركات الإعراب والتشكيل في النطق
الفصيح. استرداد الحركات لفك السواكن داخل الشطر
يجعل التقطيع العروضي في الشعر النبطي يقترب من
النطق الفصيح لكنه لا يتطابق معه تماما نظرا لعدم
سماح العامية بتتالي المقاطع القصيرة. النظام
المقطعي العامي الذي لا يسمح بتجاور مقطعين قصيرين
سيؤدي إلى إعادة توزيع الحركات المستردة عن طريق
التقطيع بطريقة تختلف في النطق العامي عنها في
الفصيح. ناهيك عن حذف الهمزة وبعض الاختلافات في
النظام الصرفي بين العامية والفصحى والتي لا يتسع
المقام لذكرها.
أي زيادة أو نقص في عدد الحركات القصيرة أو إعادة
توزيعها بالنسبة للسواكن سوف ينتج عنه بالضرورة
إعادة ترتيب العلاقة بين السواكن والحركات
وبالتالي اختلاف نطق الكلمة وإعادة تركيب مقاطعها.
واختلاف العامي عن الفصيح في هذا الصدد لا يقتصر
على عدد وتوزيع حركات الإعراب والتشكيل التي تعود
لتحرك السواكن، بل إن النطق العامي، كما سبق
القول، فيه من الحركات ما لا يوجد في النطق
الفصيح. فهناك حركة الفتحة التي يقحمها النطق
العامي بعد الحروف الحلقية: "نَعْش"
<
"نَعَش"؛ وحركة الكسرة التي تقحمها العامية لفك
الساكنين في آخر الكلمة إذا كان الأخير منهما
جهوريا؛ "عزْل"
<
"عزِل". وقلنا أيضا إنه لتلافي تكدس ثلاث سواكن
وسط الكلمة جراء حذف الكسرة يحدث أحيانا أن تغير
الكسرة موقعها بدلا من حذفها لتتقدم خطوة إلى
الأمام وتحرك أول السواكن المكدسة، فالكلمة
الفصيحة "مُسْـ+رِ+عات" مثلا تصبح في النطق العامي
"مِـ+سِرْ+عات" مما ينجم عنه تغير في البنية
المقطعية للكلمة بحيث يتحول المقطع الأول من طويل
مغلق إلى قصير مفتوح والثاني من قصير مفتوح إلى
طويل مغلق. هذا في الحديث العادي واللفظ المنثور.
لكن ماذا يحدث لهذه الحركات المقحمة في اللفظ
المقطع، في اللفظ الموقع؟ يختلف الوضع باختلاف
الحركة. الفتحة التي تقحمها العامية بعد الحروف
الحلقية دخلت النسق الفونولوجي للهجة كحركة راسخة
مستقرة لا يؤثر التقطيع على وضعها، فهي غالبا تظهر
في اللفظ المقطع مثلما تظهر في اللفظ المنثور،
مثلها مثل أي حركة أصلية. خذ مثلا الكلمات الأخيرة
في الأشطر التالية على وزن المسحوب التي نقطعها
حسب النطق العامي فنحرك الحروف الحلقية، علما بأن
النطق الفصيح يقتضي تسكينها: "دلّى يجي له بالعيون
تْـخَـطيفِ"، "ياكثر ما عقبك يجينا تْـحَـسيفِ"،
"ما صار حبه نار صار تْـخَـريفِ"؛ والكلمة الأخيرة
في البيت التالي على وزن فاعلن فاعلاتن فاعلاتن (+
- +/ + - + +/ + - + +): "ياحمامٍ بعالى الصوت
غنّى// يعْجِـبِـك زين حسّه وِتْـغَريده"؛
والكلمات الأخيرة في هذه الأشطر على الوزن
اللعبوني فاعلاتن فاعلاتن فاعلن (+ -+ +/+ -+ +/+
-+): "كنه القنديل بالزيت مْـخَـدوم"، "والهواوي
من هواهن مْـحَـروم"، "قالت اللي فات ما هوب
مْـعَلوم". كذلك اسم العلم ننطقه "سَـعَـد" لا
"سَـعْـد" في: "من هواهن ياسَـعَـد جسمي عليل".
وهناك حالات نادرة لا يستقيم الوزن فيها إلا
بتسكين الحرف الحلقي تمشيا مع النطق الفصيح وخلافا
للنطق العامي، كما في كلمة "السعْـد" في البيت
التالي على وزن فاعلاتن فاعلاتن فاعلن (+ - + +/ +
- + +/ + - +): لو تلـمّـين الشمل لم الهدوم//
ياليال السَــعْد عودن بالتمام"؛ وكما في الكلمة
الأخيرة من الشطر الأول في البيت التالي على وزن
مستفعلن مستفعلن فاعل (+ + - +/ + + - +/ + +):
"الحب يذبح والشقا مَـحْـدود// ما هي سواليفٍ على
الخالي"؛ وكما في الكلمة الأخيرة في الشطرين
التاليين على وزن المسحوب: "الحب بلوى والهوى
تَـعْـرفونه"، "لعلهم ميّة سنه يَـحْـبسونه".
أما الكسرة التي تقحمها العامية لفك الساكنين في
آخر الكلمة إذا كان الأخير منهما جهوريا فإنه إذا
كانت الكلمة في آخر الشطر فلا مفر من تقطيع الكلمة
وفق النطق العامي الذي يقتضي إقحام الكسرة. أما في
وسط الشطر فإن تقطيع الكلمة يتراوح، حسب الوزن
وموقعها في الشطر، بين النطق العامي الذي يقتضي
إقحامها وبين النطق الفصيح الذي لا يقتضي ذلك.
مثلا كلمة "هشم" في الشطر الثاني من البيت الأول
في المثال الثاني في الجدول العروضي السابق
قطعناها حسب النطق الفصيح، ونقطع حسب النطق الفصيح
كلمة "النزل" في الشطر التالي على وزن المسحوب:
"قالت تنزّح لارهج النَّــزْلِ بصياح"، وكلمة
"الخصر" في البيت التالي على وزن مستفعلن فاعلن
مستفعلن فاعـل (+ + - +/ + - + +/+ + - +/ + - +):
"ياهايف الخِـصْـرِ عيني فيك مفتونه// والبعد
ياصاحبي ما يرخص الغالي". أما الكلمة الأولى في كل
من الشطرين التاليين على وزن المسحوب فلا بد من
تقطيعها حسب النطق العامي ليستقيم الوزن:
"العَـصِــرْ يمّ المستوي يهذل اهذال"، "اليسِـرْ
يوم انه طغى الموج وانجال".
أما في حالة الكسرة التي قلنا إنها تغير موقعها
وتتقدم خطوة إلى الأمام لتلافي تكدس السواكن وسط
الكلمة فإننا أيضا هنا أمام خيارين؛ إما أن نقطع
الكلمة حسب النطق العامي أو أن نقطعها حسب النطق
الفصيح، تبعا لوزن الشطر الشعري وموقع الكلمة فيه.
وكما نلاحظ من الجدول العروضي السابق أن عروض
القصيدة النبطية داخل الشطر في غاية الانتظام
والانضباط حيث لا يسمح إلا بالمقاطع القصيرة (س+ح)
والطويلة (س+م)، (س+ح+س). ولا يسمح أن يحل مقطع
قصير محل مقطع طويل، أو العكس، أو غير ذلك من
الزحافات المعروفة في البحور الفصيحة. وبينما
يقترب النظام المقطعي داخل الشطر في القصيدة
النبطية من النطق الفصيح نجد أن المجال يتسع في
بداية الشطر ونهايته للاحتفاظ ببعض الظواهر
اللهجية مثل الكسرة المقحمة والتقاء السواكن
وتتناوب فيهما المقاطع التي تتنوع من القصير إلى
زائد الطول. ولتوضيح ما نقول سوف نلقي نظرة أخرى
على الجدول العروضي أعلاه. تفعيلة بحر المسحوب
مستفعلن مستفعلن فاعلاتن تبدأ بمقطع طويل "مُسْـس
وتنتهي بقطع طويل "تُنْ"، وانسجاما مع ذلك نتوقع
أن تبدأ الأشطر التي قطعناها في الجدول وتنتهي
كلها بمقطع طويل. لكننا نلاحظ أن بداية الشطر يمكن
أن تكون:
1/ مقطع قصير مؤلف من ساكن+حركة (س+ح)،
كما في بداية الشطر الثالث من المثال الثالث
(بَـ+نا+ت).
2/ مقطع قصير# مؤلف من ساكن+ساكن+حركة
(س+س+ح)، كما في بداية الشطر الأول من المثال
الرابع (ذْبَـ+حَن).
3/ مقطع طويل مؤلف من ساكن+مد (س+م)،
أو من ساكن+حركة+ساكن (س+ح+س) كما في بداية معظم
الأشطر التي قطعناها.
4/ مقطع طويل # مؤلف من ساكن+ساكن+مد
(س+س+م)، كما في بداية الشطرين الثاني
(وْيا+هَشْـ+مِـ) والثالث (وْيا+وَجْـ+دِ) من
المثال الثاني، أو مؤلف من ساكن+ساكن+حركة+ساكن
(س+س+ح+س) كما في بداية الشطر الثاني
(بْـسَهْـ+من) والرابع (وْرِجْـ+لي) من المثال
الرابع.
كما نلاحظ أيضا أن نهاية الشطر يمكن أن تكون:
1/ مقطع قصير مؤلف من ساكن + حركة (س+ح)،
كما في الشطر الثاني من المثال الثالث (دِ)، لكن
الحركة القصيرة في نهاية الشطر أو البيت، كما هي
العادة، تشبع لتصبح مساوية لحركة المد الطويلة.
2/ مقطع طويل مؤلف من ساكن+مد (س+م)،
كما في نهاية الشطر الثاني والرابع من المثال
الأول (لي) والرابع من المثال الثالث (دِي)، أو من
ساكن+حركة+ساكن (س+ح+س)، كما في الشطرين
الثاني والرابع من المثال الثاني (رِه) والشطرين
الأول والثالث من المثال الرابع (حِه).
3/ مقطع مذال مؤلف من ساكن+مد+ساكن
(س+م+س) كما في نهاية الشطرين الأول والثالث
في المثالين الثاني والثالث (ماس، راس، يات، رات)
وكما في بداية الشطرين الثاني والرابع من المثال
الرابع (داب، قاب)، أو من ساكن+حركة+ساكن+ساكن
(س+ح+س+س)، كما في الشطرين الثاني والرابع من
المثال الأول (خَمْس، لِمس).
وهكذا نجد أنه إضافة إلى المقطع القصير (س+ح)
والطويل (س+م)، (س+ح+س) التي نجدها داخل الشطر
الشعري، لا بد لنا من افتراض نماذج إضافية من
المقاطع في النظام المقطعي للغة الشعر النبطي
والكلام العامي هي:
1/ مقطع قصير # = (س+س+ح).
2/ مقطع طـــويل # = (س+س+م)، (س+س+ح+س).
3/ مقطع مذال = (س+م+س)، (س+ح+س+س).
ولا يسمح لهذه المقاطع الإضافية داخل الشطر الشعري
ولا توجد إلا في بداية الشطر ونهايته حيث يسمح،
كما قلنا، بالتقاء السواكن وبتنوع المقاطع. المقطع
القصير# والمقطع الطويل# يردان في بداية الشطر وكل
منها عبارة عن مقطع مضاف إليه ساكن ملصق ببدايته.
والمقطع الأخير، وهو المقطع المذال عبارة عن مقطع
طويل مضاف إليه ساكن ملصق بنهايته. ابتداء الشطر
الشعري، أو حتى أي لفظ متصل، بالمقطع القصير#
والمقطع الطويل# يعني ابتداءه بساكن؛ وانتهاءه
بالمقطع المذال يعني انتهاءه بساكنين.
وقد سبق أن قلنا في حديثنا عن البنية المقطعية إن
المقطع يتألف على الأقل من ساكن تتلوه حركة. أي أن
الساكن لوحده لا يمكن أن يشكل مقطعا في حد ذاته،
بل لا يمكن التلفظ به أصلا ولا بد أن تتلوه ولو
حركة قصيرة يشكل معها مقطعا قصيرا. الساكن الملصق
في بداية اللفظ لا يشكل مقطعا وليس له قيمة المقطع
إنما هو يلتصق بالمقطع الذي يليه ويصبح جزءا منه،
إضافة إليه. هذه الحالة اللفظية هي التي أملت
علينا افتراض المقاطع الإضافية التي يتميز بها
النطق العامي. يمكننا في بداية الشطر أن نعيد حركة
الساكن الأول لنفك المقطع القصير# ونحوله إلى
مقطعين قصيرين: (س+س+ح)" (س+ح)(س+ح) أو لنفك
المقطـع الطويل# ونحولـه إلى مقطعين: قصير يليه
طويل: (س+س+م)" (س+ح)(س+م)، (س+س+ح+س)"
(س+ح)(س+ح+س). كذلك في نهاية الشطر يمكننا أن نحرك
الساكن الأخير ونحول المقطع المذال إلى مقطعين:
طويل يليه قصير: (س+م+س)" (س+م)(س+ح)، (س+ح+س+س)"
(س+ح+س)(س+ح). لكن قيامنا بذلك سيؤدي إلى زيادة
مقطع في بداية الشطر أو نهايته، وبالتالي إلى
اختلاف المقياس العروضي، الوزن، أو إلى تجاور
مقطعين قصيرين وهذا ما لا يسمح به النظام المقطعي
في العامية. خذ مثلا الكلمة الأولى من البيت الأول
من المثال الرابع في الجدول العروضي السابق والتي
تبدأ بساكن يليه الباء المتحركة "ذْبَـ+حَـن". لو
أعدنا حركة الذال ونطقنا الكلمة كما تنطق بالفصيح
لنتج عن ذلك مقطعان قصيران، وهذا ما لا تسمح به
البنية المقطعية للهجة العامية ولا عروضها
الشعرية. ويمكننا اختزال المقطعين القصيرين إلى
مقطع واحد طويل بواسطة تحريك الذال وتسكين الباء،
كما فعلنا بالنسبة لكلمة "مِتْوَلّعٍ" أعلاه، لكن
النطق الناتج عن ذلك غير جائز في هذه الحالة. لا
مفر لنا من أن نسـكّن الذال ونلصقها بالباء
المفتوحة ونفترض أن ما لدينا هو مقطع قصير مؤلف من
(س+س+ح) ونرمز له بـ"المقطع القصير#" لنميزه عن
المقطع القصير الذي يتألف فقط من (س+ح).
أضف إلى ذلك أن تحريك أو عدم تحريك الساكن في
بداية الشطر أو نهايته مرهون بمتطلبات الوزن
وضروراته كما يمليها بحر القصيدة. فلو حركنا
الساكن الأول والأخير في الشطر الثالث من المثال
الثاني الذي يبدأ بكلمة "وياوجد" لتغير وزنه من
بحر المسحوب الذي تبدأ تفعيلته مستفعلن مستفعلن
فاعلاتن بمقطع طويل إلى بحر الطويل الذي تبدأ
تفعيلته فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن بمقطع قصير
ويصبح تقطيعه هكذا:
"وِ+يا+وَجْـ+دِ+حا+ليِـ+يا+مَـ+لا+وَجْـ+دِ+غَرْ+را+سِ".
كذلك لو حركنا الساكن الأول والأخير في الشطر
الثاني من المثال الرابع لانقلب الوزن من بحر
المسحوب إلى بحر الطويل. إذاً لا مفر لنا لكي نقيم
الوزن ونبقى في بحر المسحوب من أن نقطع البيت
هكذا:
"وْيا+وَجْـ+دِ+حا+ليِـ+يا+مَـ+لا+وَجْـ+دِ+غَرْ+راسْ".
لا مفر لنا من نطق بداية الشطر ونهايته على هذه
الصورة المسكّنة ليستقيم الوزن. وعلى هذا الأساس
لا بد لنا من افتراض وجود ما سميناه بالمقطع
الطويل# (س+س+م)، (س+س+ح+س) كما في "وْيا" في
بداية الشطر الثاني من البيت الأول وبداية الشطر
الأول من البيت الثاني في المثال الثاني في الجدول
العروضي السابق وكما في "بسَهْـس في بداية الشطر
الثاني من البيت الأول في المثال الرابع في الجدول
العروضي السابق، وكما في "وْرجْـس في بداية الشطر
الثاني من البيت الثاني من المثال الرابع في
الجدول، كما أنه لا بد لنا من افتراض ما سميناه
بالمقطع المذال (س+م+س) كما في "ماس، راس، بات،
رات، داب، قاب" والمقطع المذال (س+ح+س+س) كما في
"حمْسْ"، "لِمْسْ".
أعلي
أوزان الشعر النبطي
فيما يلي سوف أقدم للقارئ قائمة بما استطعت حصره
من قوالب عروضية بلغت ستة وسبعين قالبا حصلت عليها
بعدما قمت بمسح عشرات الدواوين وآلاف القصائد
النبطية. ولا أدعي أنني بذلك حصرت كل ما يمكن حصره
من بحور الشعر النبطي وأوزانه، لكنني أعتقد أنني
أتيت على معظمها. وسوف أقدم لكل قالب من هذه
القوالب العروضية مثالا هو عبارة عن مطلع قصيدة
معروفة وأحيانا أعطي أكثر من مثال للقالب الواحد
من مطالع قصائد مشهورة وذلك من أجل تذكير القارئ
بهذه القصائد وتعريفه على بحورها. وسوف أكتب
المثال أولا كتابة عادية وبعد ذلك أكتب الشطر
الأول منه كتابة عروضية مقطعة. وحيث أن الشطر، لا
البيت، هو الحد الأقصى في القياس العروضي في الشعر
النبطي اكتفيت بتقطيع الشطر الأول من الأمثلة التي
أوردتها في القائمة لأن معرفة أحد شطري البيت يغني
عن معرفة الآخر في تحديد بحر القصيدة وشكله
العروضي. إلا أن هناك نسبة ضئيلة من الأمثلة لا
تزال تحتفظ برواسب الفرق بين تفعيلة العَروض
والضرب ويكون فيها فرق طفيف في وزن التفعيلة
الأخيرة من شطري البيت، كاستبدال مقطع طويل بقصير
كما في الأمثلة 7، 15، 53، 55، أو حذف مقطع طويل
كما في المثال 43 أو قصير كما في المثال 31. وقد
وضعنا خطا تحت الشطر الثاني من كل مثال من هذه
الأمثلة الستة. وهناك حالات شاذة يكون الوزن فيها
مختلفا بين شطري البيت وقد فضلنا في مثل هذه
الحالة التعامل مع كل شطر باستقلالية تامة
ونعتبرهما خاضعين لقالبين عروضيين مختلفين. في مثل
هذه الحالات كتبنا الشطر الذي قطعناه من البيت
وتركنا الشطر الآخر الذي إن لم يوجد ما يتفق معه
في الوزن ويغني عنه من بين الأمثلة التي قطعناها
قمنا بإعطائه رقما مستقلا وقطعناه. خذ مثلا المثال
42 وهو مطلع قصيدة لابن دويرج. لقد قطعنا الشطر
الأول "ألى ياراكب اللي كنها لادمي إلى شاف القنوص
وذار" لكننا لم نكتب بعد ذلك الشطر الثاني من
البيت والذي يقول "رعت عامين بالنوار" لأن وزنه
يختلف تماما عن وزن الشطر السابق له، وكذلك فإننا
لم نقطعه لأنه يتفق في الوزن مع المثال 38.
والقوالب العروضية التي حصرتها هي:
أ) 01) سرينا وذا الرجلِ مَلّت//وذا الرجل
جاها عناها
سَـ ريـْ نا وِ ذرْ رِجْـ
لِـ مَـلْـ لَت
02) قزى النوم عن موق عيني
وفرّ//ولا عاد له في نظيري مقرّ
قِـ زَنْـ نو مِـ عَنـْ
مو قِـ عيـ نيـ و
فرر
03) سرى ليل جا ليل وانحت
نجومه//وعيني جزت عن لذيذ المنامِ
سَـ را ليـ لِـ جا
ليـ لِـ وَنْـ حَتْـ نِـ
جو مِه
بـ) 04) نحمد الله
جميله//شيخنا صار منا
نَحْـ مِـ دَلْـ لَهـ جِـ
ميـ له
05) ولّ يالايم الميلاف//ما
تشوف الجمل حنِّ
وَلْـ لِـ يا لا يِـ
مَلْـ ميـ لاف
05) يالله اليوم ياكافي//راعي
المكر ترمي به
يَلْـ لَـ هَلْـ يو مِـ
يا كا في
06) ياغصينٍ غريب الزهر//أنت
غصنٍ وعودك ليان
يا غِـ صيـ نِنْـ غَـ
ريـ بَزْ زَ هَر
07) ارفع الصوت ما هاضني طرب//والاجاويد
مثلي يعذرونه
أَرْ فَـ عَصْـ صو تِـ
ما ها ضِـ نيـ طَـ
رَبْ
08) يوم عدّيت انا الرجم
معتجل//شافت العين زولٍ معنيها
يو مِـ عَدْ ديـ تَـ
نَرْ رِجْـ مِـ مِعْـ
تَجْـ لِ
09) يامجلّي تسمّع لعودٍ
فصيح//فاهمٍ عارفٍ في فنون العرب
يا مِـ جَلْـ ليـ تِـ
سَمْـ مَعـ لِـ عو دِنـْ
فِـ صيح
ج) 10) طفا سوّها عني طفا//مقالات لا
تحيونها
طِ فا سوْ وَ ها عَنـْ
نيـ طِ فا
11) أنا هاض ما بي نوض
برّاق//سمر في رزينات الخيالِ
أ نا ها ضِـ ما بيـ
نو ضِـ بَرْ راق
12) الاعمار سفنٍ والسنين
بْحار
أَ لَعْـ ما رِ سِفْـ
نِنْـ وَسْـ سِـ نيـ
نِبْـ حار
13) مسا الخير يالطرقي جديد
العلوم//جديد العلوم لْيا لفا الله يحييه
مِـ سَلْـ خيـ رِ يَطْ
طِرْ قيـ جِـ ديـ دَلْـ
عِـ لو مِ
14) بدا القيل من جفنه جفا
لذّة رقاده//والنفس في ميدان الافكار مياده
بِـ دَلْـ قيـ لِـ منـ
جَفْـ نِه جِـ فا لَذْ
ذَ تِرْ قا دِه
15) سرى البارق اللي له زمانين
ما سرى//صدوق المخايل بارقه يجذب الساري
سَـ رَلْـ با رِ قَلـ
ليـ لهـ زِ ما نيـ
نِـ ما سَـ را
16) عفى الله عن عينٍ كراها
حريبها// جزت عن لذيذ النوم واهمل صبيبها
عَـ فَلْـ لا هِـ عنـ
عيـ نِنـ كَـ را ها
حَـ ريـ بَـ ها
د) 17) علامه مَرّ عجلان//ولا سلم عليه
عَـ لا مِه مَر رِ
عَجْـ لان
18) ألى ياعين هِلّي دموعك
ياشقيّه//على عصرٍ مضى لي ألى ياعين هلي
أَ لا يا عيـ نِـ
هِلْـ ليـ دِ مو عِكـ
يا شِـ قيْـ يه
هـ) 19) ياعلي صحت بالصوت الرفيع//يامره لا تذبّين
الْقِناع
يا عَـ ليـ صِحْـ تِـ
بَصْـ صو تَرْ رِ فيع
19) نجد عذرًا حضر
خِطّيبها//والجهاز الفشق والمارتين
نَجْـ دِ عَذْ رَنْـ حَـ
ضَرْ خِطْ طيـ بَـ ها
19) ياسلامي سلامٍ
باختيار//عِدّ ما هلّ همّال المطر
يا سَـ لا ميـ سَـ
لا مِنْـ بِخْـ تِـ يار
20) ياحمامٍ على الغابـه
ينـوحِ//ساجعٍ بالطرب لا واهنيّه
يا حَـ ما مِنْـ عَـ
لَلْـ غا بهـ يِـ نو
حِ
20) ساعتينٍ يشيب اللي
حَضَرها//يِّمة الجدي عن روضة مهنّا
سا عَـ تيـ نِنْـ يِـ
شيـ بَلْـ ليـ حـَ ضَرْ
ها
21) يوم عدّى الرقيبه راس
مشذوبه//قال زلوا وجاه الجيش زرفالِ
يو مِـ عَدْ دَرْ رِ
قيـ بِهـ را سِـ مشْـ
ذو به
22) ياحمامه غريبه عند باب
السلام//شفت رسم الهوى باطراف جنحانها
يا حَـ ما مه غَـ
ريـ به عِنْـ دِ با
بَسـْ سـَ لام
23) طير ياللي على طرق الهوى
ما تملّ//خذ جوابٍ لخلّي ثمّ عطني جوابه
طيـ رِ يَلْـ ليـ عَـ
لا طَرْ قَلـ هَـ وا
ما تِـ مِلْـ لي
و) 24) نجد عذرًا كحّلت عينها//ما تبي غير ابو
تركي وليف
نَجْـ دِ عَذْ رَنْـ
كَحْـ حَـ لَتْـ عيـ نَـ
ها
25) قال من ولّف جوابٍ طرى له
قا لِـ منْـ وَلْـ لَفـ
جَـ وا بِنـ طَ را
له
26) ما يجيك مصيبةٍ كود له
سبّه//صابني غروٍ من البيض مربوع
ما يِـ جيـ كِمْـ صيـ
بِـ تِنْـ كو دِ لَهـ
سِبْـ به
27) ياهل البستان من فضلكم
عنقودِ//وافطنوا للمستوي يا بعد حياني
يا هَـ لَلْـ بسْـ تا
نِـ من فَـضـ لِـ كم
عنـ قو دي
28) نجد شامت لابْو تركي
واخذها شيخنا//واخمرت عشّاقها عِقْب لطم خْشومها
نَجـ دِ شا مَتـ لِبْـ
وِ تر كي وَ خَذْ
ها شيـ خَـ نا
28) يوم الاثنين الضحى شفت لي
غروٍ عجيب//تحسب انه حققت فيّ وانا اشوفها
يو مَـ لَثْـ نيـ نَضْـ
ضَـ حا شِفْـ تِـ ليـ
غِرْ ونـ عَـ جيب
28) مرحبا رحبٍ ينشّر ويبدي كل
ريع//ياعيونٍ من فرحها تهلّ دْموعها
مَرْ حَـ بنـ رَحْـ بِـنـ
يِـ نَـشْـ شر و يَبْـ
ديـ كلـْ لِـ ريع
ز) 29) يادار وين الحبيب//اللي سلامه هلا
يا دا ر ويـ نلـ حـ
بيب
30) عدّيت بالمستقـلّي//من
نايفات العداما
عد ديـ تـ بَلْـ مِسْـ
تِـ قِلْـ لي
30) ياطير ياخافق الريش// وصّل
سلامي لخلّي
يا طيـ ر يا خا فِـ
قَرْ ريش
31) كريم يابارقٍ سرى//ما
احلى نزيز الرعد فيه
كـ ريـ مِـ يا با
رِ قنـ سـ را
32) ياملّ قلبٍ على
ميهاف//مِتْوَلّعٍ والقدم حافي
يا ملـ لـ قلـ بنـ
عَـ لا ميـ هاف
33) يازهرة الورد يالعمر
الزريف//أحْرَمْتِ عينيّ لذّات المنام
يا زهْـ رَ تلْـ ور
د يلـ عمـ رز ز ريف
34) ياسِدرةٍ قاعة الغرمول
يزّيك//من مزنةٍ هلّت الما عقربيّه
يا سِدْ ر تِنْـ قا
عـ تَلْـ غِرْ مو لـ
يِزْ زيك
35) حمامةٍ لا جزاك الله
بالاحسان//ما انتيب منّي بنوّ الخير مذكوره
حـ ما مِـ تنـ لا
جـ زا كَلْـ لَهْ بَـ
لِـحْـ سا نِ
35) يامزنةٍ من بطين الخفس
منشاها//غضبٍ رعدها ومن برّاقها خيفه
يا مز نِـ تنـ منـ
بـ طيـ نَلْـ خَفْـ سـ
مَنْـ شا ها
36) عدّيت في مرقبٍ غنّى بركنه
حمام//واثر الحمامه تهيض القلب بِلْحونها
عَدْ ديـ تـ فيـ مَرْ
قَـ بِنْـ غَنْـ نا بِـ
رِكْـ نِهْـ حـ مام
37) يحّول انا من جروح القلب
والحب يحّول//عِزّاه عيني من الفرقا وانا اقول وش
صار
يَحْـ حو لَـ نا من
جـ رو حَلْـ قَلْـ بـ
وَلْـ حبـ بـ يَحْـ حول
ح) 38) غريمٍ بالهوى روحي
غَـ ريـ مِنْـ بَلْـ هـَ
وا رو حي
39) سقى صوب الحيا مزنٍ
تهاما//على قبرٍ بتلعات الحجاز
سِـ قا صو بَلْـ حَـ
يا مِزْ نِنْـ تَـ ها
ما
40) لقيت المركب المشكور بركاب
المناصير//مليحات المناكب فوقه اشكالٍ مليحه
لِـ قيـ تَلْـ مَرْ كَـ
بَلْـ مَشـْ كو رِ بِرْ
كا بَلْـ مَـ نا صير
41) ألى ياونّةٍ ونّيتها في
عالي المشراف//تعلّيته وبيّحت الكنين وحلّت الضيقه
أَ لا يا وَنْـ نِـ
تِنْـ وَنْـ نيـ تَـ ها
فيـ عا لِـ يَلْـ مِشْـ
راف
42) ألى ياراكب اللي كنّها
لادمي إلى شاف القنوص وذار
أ لا يا را كـ
بَلْـ ليـ كِنْـ نَـ ها
لِدْ ميـ إ لا شا
فَلْـ قِـ نُـوْ صُوْ ذار
ط) 43) فزّ قلبي فزّ قلبي//يوم شاف الغاويات
فَزْ زِ قَلْـ بيـ فَزْ
زِ قَلْـ بي
44) ياسلامي ياسـلام
الله//ياحمـامٍ جرّ الالحانِ
يا سَـ لا ميـ يا سَـ
لا مَلْـ لََه
45) يالجنوبي ناركم
حرّتنا//والشمالي باردٍ لهبوبه
يَلْـ جِـ نو بيـ نا
رِ كم حَرْ رَتْـ نا
46) ياشبيه صويحبي حسبي
عليك//كل ما ناظرت عينك شفت ذاك
يا شِـ بيـ هِصْـ ويـ
حِـ بيـ حَسْـ بيـ عَـ
ليك
47) يانهارٍ جا على روضة
مهنّا//هجعة الاعيان ردّوا للسلايل
يا نَـ ها رِنْـ جا
عَـ لا رو ضَـتـ مِـ
هَنْـ نا
47) ما هقيت ان البراقع
يذبحنّي//لين شفت ظْبا النفود مبرقعاتِ
ما هَـ قيـ تنْـ نَلْـ
بَـ را قعـ يذ بِـ
حِنْـ ني
47) يانديبي فوق طوع الراس
حايل//حرّةٍ هي منوة الطارش مْعَنّا
يا نِـ ديـ بيـ فو
قِـ طو عَرْ را سِـ
حا يل
47) ياصفوف اللعب جا فيك
انطراقه//نشّطونا زين يالربع الحشامِ
يا صِـ فو فَلْـ لِعْـ
بِـ جا فيـ كنـ ط
را قه
48) واعذابي كان عرّض صاحبي ما
جاني//وش علامك ياعديل الروح تبدى الخونه
وا عَـ ذا بيـ كا
نِـ عَرْ رَضـ صا حِـ
بيـ ما جا ني
48) كل ما قلت ارجهن القلب
ردعه جاته//جادلٍ تمشط مقاديمه بورد وحنّا
كلـ لِـ ما قلْـ تِـرْ
جَـ هَنْـ نَـلْـ قَـلْـ
بـ رد عهـ جا ته
49) يالله انك ترحم اللي ذاق
ليعات الليالي//ذاق ليعات الليالي والليالي
ولّعَنّه
يَلْـ لَـ هِنْـ نِكْـ
تَـرْ حَـ ملْـ ليـ ذا
قِـ ليـ عا تلْـ لَـ
يا لي
50) ياهل العيرات باكر كان
مرّيتوا طوارف خلّي//خَبّروه انّي شكيت الهمّ
والساموح عقب فْراقه
يا هَـ لَلْـ عيـ را تِـ
با كِرْ كا نِـ مَـرْ
ريـ تو طَـ وا رِف
خلـ لي
ي) 51) ياربّنا ما من مطير//جمعين والثالث بحر
يا رَبْـ بـ نا ما
منـ مـ طيـر
51) لى قيل ابو تركي
شهر//تخامرت كل الحرار
لا قيـ لـ بُو تِرْ
كيـ شـ هر
52) حمام يلعي بالبساتين//يلعب
طرب والهمّ ما جاه
حـ ما مـ يَلْـ عيـ
بَـلْـ بـ سا تين
52) ياما حلى طارى الحرايب
يا ما حـ لا طا
رَلْـ حـ را يب
53) سلام يادار الغضي سلام//ألفٍ
هلا والفين ترحيبه
سـ لا مـ يا دا
رَلْـ غـ ضيـ سـ لام
54) ياذالحمام اللي سجع
بِلْحون//وش بك على عيني تبكّيها
يا ذَلْـ حـ ما مَلْـ
ليـ سـ جَعْـ بِلْـ حون
54) عاداتنا نطرح عقيد
القوم//لى ثار عـجّ الخيل والدخّان
عا دا تـ نا نَـطْ
رَحـْ عـ قيـ دَلْـ قوم
55) أمس الضحا عدّيت راس
العنّه//لا عدت يامبداي بالحداير
أمـ سَضْـ ضـ حا عَـدْ
ديـ تـ را سَـلْـ عنـ
نه
56) أوّل كلامي طلبتي ذِكْر
الله//ولاني عن الرب الكريم غْناوي
أو وَلـْـ كـ لا ميـ
طَـلْـ بـ تيـ ذِكْـ
رَلْـ له
56) ناهس ترى منّا وحنّا
منّه//نصبح مصابيحه إلى امسى ساري
نا هسـ تـ را مِنْـ
نا و حِنْـ نا مِنْـ
نه
57) منّي عليكم ياهل العوجا
سلام//واختصّ ابو تركي عمى عين الحريب
منـ نيـ عـ ليـ كمـ
يا هـ لَـلْـ عو جا
سـ لام
58) يادحيم يامشكاي شيلوا عدل
الالحان
يَدْ حيـ مِـ يا مَشْـ
كا يـ شيـ لو عَـدْ
لـ لَـلْـ حان
59) قالت تقوله قلت اقوله
والعن الشيطان//قالت حلال وقلت في شرع الهوى مسنون
قا لتـ تـ قو له
قِلْـ تـَ قُـو لِـهْـ
وَلْـ عـ نَـشْـ شيـ طان
60) سلام ردّيـّه عسل مخلوط
بالسمّ الذحاح//تِشّر خطر واللي عقد روس الحبال
يحلّها
سـ لا مـ رد ديـ يه
عـ سلـ مخـ لو ط
بسـ سمـ مذ ذ حاح
ك) 61) هاضني مرقبٍ باديه صبح وعصر والليل
جاني//ما تحدّرت من ملموم راسه كود بالخرمسيّه
ها ضِـ
نيـ مَرْ قـَ بِنـ با
ديـ هِـ صِبْـ حو عَصـْ
رِ وَلْـ ليـ لِـ جا
ني
62) ياهل الفاطر اللي فوقها من
كل دشنٍ جديد وغالي//سلّموا لي عليه لْيا لفيتوا
صاحبي ياهل المامونه
يا هَـ لَلْـ فا طِ
رَلْـ ليـ فو قَـ ها
من كِلْـ لِـ دَشْـ نِنْـ
جِـ ديـ دِنْـ غا لي
63) هاضني مرقبٍ عدّيت في عالي فروعه عصر
والشمس حيّه//ساقني سابق الاقدار لين الساق عدّا
براسه من عذابي
ها ضِـ نيـ مَرْ قَـ
بِنْـ عَدْ ديـ تِـ فيـ
عا ليـ فِـ رو عه
عَـ صِر وَشـْ شَمْـ سِـ
حَيـْ يَه
ل) 64) ألى واطرق حالي من هوى الصاحب الغالي// وهو
لولاه غالي ما تلزّيت باوطانه
أ لا وا طرْ قِـ حا
ليـ من هـ وَصْـ صا
حِـ بَلْـ غا لي
م) 65) سقوى سقى الله وادي المجمعه//من
رايحٍ يوضي بجنح الظلام
سقـ وا سـ قَـلْـ لَـهْـ
وا د يَـلْـ مَـجْـ مـ
عه
66) ناح الحمام بعاليات
المقاصير//واهل الهوى طربين ما يسمعونه
نا حَلْـ حـ ما مِبْـ
عا لـ يا تَـلْـ مـ
قا صير
67) عادت على اللي بالهوى سبّل
الحبه//على عشيره والملا ما يشوفونه
عا دتـ عـ لَـلْـ ليـ
بَـلْـ هـ وا سَبـْ بـ
لَـلْـ حبـ به
68) البارحه عيني عن النوم
بالليل مْحديّه//تكسّر العبرات في خاطري مما جرى
لي
الـ با ر حه عيـ
نيـ عـ ننـ نو مـ
بَلْـ ليـ لِـمْـ حَـ ديـ
يه
ن) 69) سلام ياربعٍ يصفّون الجريف العتيق//هو
ملحهم بالكون عابينه نهار الزحام
سـ لا مـ يا ربـ
عنـ يـ صفـ فو نلـ
جـ ريـ فلـ عـ تيق
70) شدّوا وخلّوني من الفرقا
كثير الغلايل//أبكي واهل غض النهد عدوان ما
يرحمونِ
شد دو و خلـ لو نيـ
مـ نلـ فر قا كـ
ثيـ رلـ غـ لا يل
س) 71) سلام حيّيت
يامن هو مجاورن الحرم//ردّيـّةٍ من ضميري عِدّ ما
ناح الحمام
سـ لا مـ حيـ ييـ
تـ يا منـ هو مـ جا
ور نلـ حـ رم
72) ياملّ قلبٍ من الفرقا يحنّ
ويرزم ارزام//ارزام خلجٍ طلوع سْهيل يوم القيظ
حامي
يا ملـ لـ قلـ بنـ
مـ نلـ فر قا يـ
حنـ نو ير ز مر زام
73) ياضلع ياضلع ياضلع الحيا
ياللي غشاك النبات//فيك الوروش اعجبتني وادخلتني
غصب في دينها
يا ضلـ عـ يا ضلـ
عـ يا ضلـ علـ حـ
يا يلـ ليـ غـ شا
كنـ نـ بات
74) سلام ياللي لجدّات الهوى
خذها وذب سموله//ترحيبة عد ما جر القنيب الذيب
بالمشرافي
سـ لا مـ يلـ ليـ
لِـ جد دا تلـ هـ
وا خذ ها و ذبـ بسـ
مو له
ع) 75) البارحه ياملا الزين جاني//ما احدٍ درى عن
سواياه فيّه
الـ با ر حه يا مَـ
لَـزْ زيـ نـ جا ني
فـ) 76) مانع خيالٍ بالدكّه//ظَفْرٍ في راس
المقصوره
ما نعـ خَيـْ يا لِـنْـ
بَـدْ دَكـْ كه
ولإبراز العلاقة بين هذه القوالب العروضية بشكل
أوضح سأقوم الآن بتحويل كل مثال من الأمثلة التي
كتبتها كتابة عادية وكتابة عروضية مقطعة إلى
مكوناته الإيقاعية الصغرى والتي هي، كما قلنا،
المقاطع الطويلة والقصيرة. وسوف أرمز للمقطع
الطويل بالعلامة + وللمقطع القصير بالعلامة -.
ورمزنا للتناوب بين المقطع الطويل والمقطع القصير
في شطري البيت بالعلامة 1 ووضعنا علامة القوسين ()
على المقطع الذي يحذف في أحد شطري البيت. وهكذا
نصور كتابةً الانتظام الذي تصطف به المقاطع
الطويلة والقصيرة داخل القالب العروضي؛ والشكل
الناتج عن ذلك يذكرنا كثيرا بالزخارف المعمارية
التقليدية أو النقوش الجصية أو الخطوط والأشكال
الهندسية المجردة التي تزين بها المنسوجات الصوفية
والأعمال الخوصية، وحتى الفخارية:
أ) 01)
- + + - + +
- + +
02) - + + - + +
- + + - +
03) - + + - + +
- + + - + +
بـ) 04) + - +
+ - + +
05) + - + + - +
+ +
06) + - + + - +
+ - +
07) + - + + - +
+ - + 1 +
08) + - + + - +
+ - + + +
09) + - + + - +
+ - + + - +
ج) 10) - + +
- + + + - +
11) - + + - + + +
- + +
12) - + + - + + +
- + + +
13) - + +
- + + + - + +
- + +
14) - + + - + + +
- + + - + + +
15) - + + - + + +
- + + - + 1 +
16) - + + - + + +
- + + - + - +
د) 17)
- + + + - + +
18) - + + + - + +
- + + + - + +
هـ) 19) + - +
+ - + + + - +
20) + - + + - + +
+ - + +
21) + - + + - + +
+ - + + +
22) + - + + - + +
+ - + + - +
23) + - + + - + +
+ - + + - + +
و) 24) + - +
+ + - + + -
+
25) + - + + + - +
+ - + +
26) + - + + + - +
+ - + + +
27) + - + + + - +
+ - + + + +
28) + - + + + - +
+ - + + + - +
ز) 29) + + -
+ + - +
30) + + - + + - +
+
31) + + - + + - +
(-) +
32) + + - + + - +
+ +
33) + + - + + - +
+ + - +
34) + + - + + - +
+ + - + +
35) + + - + + - +
+ + - + + +
36) + + - + + - +
+ + - + + - +
37) + + - + + - +
+ + - + + - +
+
ح) 38) - + +
+ - + + +
39) - + + + - + + +
- + +
40) - + + + - + + +
- + + + - + +
41) - + + + - + + +
- + + + - + + +
42) - + + + - + + +
- + + + - + + +
- + + +
ط) 43) + - +
+ + - + (+)
44) + - + + + - + +
+
45) + - + + + - + +
+ +
46) + - + + + - + +
+ - +
47) + - + + + - + +
+ - + +
48) + - + + + - + +
+ - + + + +
49) + - + + + - + +
+ - + + + - + +
50) + - + + + - + +
+ - + + + - + +
+ +
ي) 51) + + -
+ + + - +
52) + + - + + + - +
+
53) + + - + + + - +
1 +
54) + + - + + + - +
+ +
55) + + - + + + - +
1 + +
56) + + - + + + - +
+ + +
57) + + - + + + - +
+ + - +
58) + + - + + + - +
+ + - + +
59) + + - + + + - +
+ + - + + +
60) + + - + + + - +
+ + - + + + - +
ك) 61) + - +
+ - + + + - + +
+ - + + - + +
62) + - + + - + +
+ - + + + - +
+ - + + + +
63) + - + + - + +
+ - + + + - +
+ - + + + - + +
ل) 64) - + +
+ - + + +
- + + - + + +
م) 65)
+ + - + + + - + + - +
66) + + - + + + - +
+ - + +
67) + + - + + + - +
+ - + + +
68) + + - + + + - +
+ - + + + - + +
ن) 69) + + -
+ + + - + +
+ - + + - +
70) + + - + + + - +
+ + - + + - +
+
س)
71) + + - + + - + + + - + +
+ - +
72) + + - + + - + +
+ - + + + - + +
73) + + - + + - + +
+ - + + + - + +
- +
74) + + - + + - + +
+ - + + + - + +
+ +
ع) 75) + + -
+ + - + + -
+ +
فـ) 76) + + + + +
+ + +
نلاحظ من هذه القائمة أن المقاطع الطويلة والقصيرة
تتمفصل داخل القالب العروضي وتتعنقد ليشكل كل
عنقود وحدة قياس عروضية أكبر من المقطع هي
التفعيلة. التفعيلة وحدة إيقاعية مستقلة أكبر من
المقطع، فهي تتألف من ثلاثة إلى أربعة مقاطع،
وأصغر من الشطر، إذ يتألف الشطر مما لا يقل عن
تفعيلتين. ومثلما تصطف المقاطع الطويلة والقصيرة
بنفس الانتظام والاتساق في كل بيت من أبيات
القصيدة، كذلك تصطف التفعيلات على نفس النسق من
أول بيت في القصيدة إلى آخر بيت. الطريقة التي
تتوالى فيها المقاطع الطويلة والقصيرة وتترتب داخل
القالب العروضي هي التي تحدد تفعيلات القالب.
وتتألف التفعيلة إما من ثلاثة مقاطع، ولنسميها
التفعيلة الثلاثية، وإما من أربعة مقاطع، ولنسميها
التفعيلة الرباعية، على أن يكون أحد المقاطع
الثلاثة أو الأربعة مقطعا قصيرا يمكنه أن يحتل أي
موقع في التفعيلة عدا الموقع الأخير. وبذلك يمكننا
تحديد التفعيلات الممكنة بخمس تفعيلات هي:
ثلاثية
رباعية
غيرممكنة
+ + -
+ + + -
ممـكـنـة
1/ - + +
3/ - + + +
2/ + - +
4/ + - + +
5/ + + - +
ونخرج الآن من نطاق البحث في العلاقة بين المقاطع
إلى البحث في العلاقة بين التفعيلات والقوانين
التي تحدد تتابعها وتحاذيها، أي ورودها بالتتالي
واحدة بعد الأخرى داخل القالب العروضي. توالي هذه
التفعيلات، الثلاثية منها والرباعية، يخضع لمحددات
تقيده وتبين ما يسمح به وما لا يسمح. وأهم هذه
المحددات:
1/ المقطع القصير لا يحتل الموقع الأخير في
التفعيلة، سواء كانت ثلاثية أو رباعية.
2/ المقاطع القصيرة لا تتجاور.
3/ لا بد أن يفصل بين كل مقطعين قصيرين ما لا يقل
عن اثنين وما لا يزيد عن ثلاثة مقاطع طويلة.
4/ المقطعان الأولان في التفعيلتين المتواليتين
دائما متساويان في الطول أو القصر.
وإذا طبقنا هذه المحددات الأربع على التفعيلات
الخمس الممكنة فإننا نستطيع أن نحدد المتواليات
الممكنة وغير الممكنة على النحو التالي:
متواليات غير ممكنة
(أ)
(ب)
1) - + +/+ -
+
+ - +/- + +
2) - + +/+ -
+ +
+ - + +/- + +
3) - + +/+ +
- +
+ + - +/- + +
4) - + + +/+
- +
+ - +/- + + +
5) - + + +/+
- + +
+ - + +/- + + +
6) - + + +/+
+ - +
+ + -
+/- + + +
7) + - + +/+
+ - +
متواليات ممكنة
(أ)
(ب)
1) - + +/- +
+
2) + - +/+ -
+
3) - + +/- +
+ +
- + + +/- + +
4) + - +/+ -
+ +
+ - + +/+ - +
5) + - +/+ +
- +
+ + - +/+ - +
6) - + + +/-
+ + +
7) + - + +/+
- + +
8) + + - +/+
+ - +
9) + + - +/+
- + +
وقد رتبنا هذه المتواليات، الممكنة وغير الممكنة،
على شكل جدول من قائمتين (أ) و(ب) لنوضح كيف تتشكل
هذه المتواليات على هيئة مزدوجات متناظرة كل
مزدوجة صورة مقلوبة عن نظيرتها. لنأخذ مثلا من
المتواليات غير الممكنة المتوالية 1/أ. لو استبدلت
التفعيلتان في هذه المتوالية أماكنهما فجاءت
التفعيلة الأولى مكان التفعيلة الثانية وجاءت
الثانية مكان الأولى لحصلنا على مزدوجتها وهي
المتوالية المناظرة لها 1/ب. لكن حينما تكون
تفعيلتا المتوالية متماثلتين، كما بالنسبة لغالبية
المتواليات الممكنة، فإنه لا يمكن قلبهما لأننا
إذا بدلنا موقعي التفعيلتين حصلنا على نفس الشكل.
ويبين لنا الجدول أعلاه أن نظيرة المتوالية غير
الممكنة، صورتها المقلوبة، غير ممكنة أيضا، ونظيرة
المتوالية الممكنة ممكنة. الاستثناء الوحيد هو
المتوالية الممكنة 9/أ التي تشكل صورتها المقلوبة
المتوالية غير الممكنة 7/ب.
وإذا أعدنا النظر في قائمة القوالب العروضية التي
تم حصرها في ستة وسبعين قالبا وجدنا أنه لا يوجد
بينها أي من المتواليات التي قررنا أنها غير
ممكنة، في حين نجد أن المتواليات الممكنة كلها
موجودة عدا المتوالية 5/أ التي لا يوجد من الناحية
الشكلانية ما يمنع من وجودها لكنها غير موجودة،
لنقل إنها مهملة وغيابها يمثل مجرد فجوة أو فراغ،
علما بأنه يمكن النظم عليها، كأن نقول:
+ - +
/ + +
- +
+ - +
/ + + -
+
يا هَـ ليـ/قلـ
بيـ صـ ويب
صا بِـ نيـ/حَسْـ
بيـ عـ ليه
ياهلي قلبي صويب // صابني حسبي
عليه
صابني غرو عجيب // كل من شافه
يبيه
وما سبق أن قلناه عن تلاشي الفرق بين العَروض
والضرب في تفعيلة القصيدة النبطية لا يعنى أن
البحر لا يمكن أن يرد على أشكال عروضية مختلفة،
فلا تزال هناك إمكانية تعرض التفعيلة الأخيرة في
الشطر للعلل، لكن العلل في القصيدة النبطية تحدث
للتفعيلة الأخيرة في صدر البيت بنفس الكيفية التي
تحدث فيها للتفعيلة الأخيرة في العجز. كما أن بعض
البحور يمكن أن يرد الواحد منها على عدة أشكال
تبعا لطوله وعدد ما يتضمنه من مقاطع وتفعيلات
ولذلك نقول إن البحر تام ومجزوء ومقصور ومشطور
ومنهوك. ولو نظرنا إلى قائمة القوالب العروضية
الستة والسبعين لوجدنا أنها تنقسم، حسب تفعيلاتها
والطريقة التي تتوالى بها هذه التفعيلات، إلى
مجموعات صغيرة كل منها يحتوي على ما بين واحد إلى
عشرة قوالب عروضية. والقوالب التي تضمها مجموعة
واحدة تشترك في تفعيلاتها وفي الطريقة التي تتوالى
فيها هذه التفعيلات لكنها تختلف عن بعضها بالطول،
أي عدد المقاطع الطويلة والقصيرة. ويبدو أن الحد
الأعلى للطول تحدده القدرة على إنشاد الشطر الواحد
بكامله في نَفَسٍ واحد. القالب الأول في أي مجموعة
هو أقصرها ويمكن أن نعتبره النواة التي تتولد عنها
بقية القوالب عن طريق زيادة مقاطع إضافية. ونلاحظ
أحيانا أن الزيادة متدرجة بحيث لا يزيد قالب عن
الذي قبله إلا بمقطع واحد. وأحيانا تكون هناك
قفزات وفجوات بحيث يكون زيادة القالب عن الذي قبله
مقطعين أو أكثر. ويحتمل أن هذه الفجوات تمثل قوالب
عروضية مهملة لم تجد من ينظم عليها شعرا، وربما
تكون، لسبب أو لآخر، غير صالحة لذلك. ولربما أننا
لو وسعنا دائرة البحث وكثفنا الجهد ومسحنا كمّاً
أكبر من الأشعار لوجدنا أمثلة نسد بها بعض هذه
الفجوات.
وقد يتألف القالب العروضي من تفعيلة واحدة يتم
تكرارها عددا من المرات وهذا ما تسمح به عدد من
المتواليات الممكنة وهي:
المتوالية 1/أ) - + +/- + + وتمثلها المجموعة (أ)
التي تضم القوالب 1-3
المتوالية 2/أ) + - +/+ - + وتمثلها المجموعة (ب)
التي تضم القوالب 4-9
المتوالية 6/أ) - + + +/- + + + وتمثلها المجموعة
(ح) التي تضم القوالب 38-42
المتوالية 7/أ) + - + +/+ - + + وتمثلها المجموعة
(ط) التي تضم القوالب 43-50
المتوالية 8/أ) + + - +/+ + - + وتمثلها المجموعة
(ي) التي تضم القوالب 51-60
وقد يتألف القالب العروضي من تفعيلتين مختلفتين
تتراوحان داخل القالب بالتناوب، الواحدة بعد
الأخرى على نمط 1/1، وهذا ما تسمح به عدد من
المتواليات الممكنة وهي:
3/أ) - + +/- + + + وتمثلها المجموعة (ج)
التي تضم القوالب 10-16
3/بـ) - + + +/- + + وتمثلها المجموعة (د) التي
تضم القوالب 17-18
4/أ) + - +/+ - + + وتمثلها المجموعة (هـ)
التي تضم القوالب 19-23
4/بـ) + - + +/+ - + وتمثلها المجموعة (و) التي
تضم القوالب 24-28
5/بـ) + + - +/+ - + وتمثلها المجموعة (ز) التي
تضم القوالب 29-37
وقد تتخذ المراوحة بين تفعيلتي القالب العروضي
أنماطا أكثر تعقيدا مثل:
نمط 1/2، أي أن ترد التفعيلة ب مرتين مقابل كل مرة
ترد فيها التفعيلة أ، كما في المجموعة (ك) التي
تضم القوالب 61-63،
نمط 2/1، أي أن ترد التفعيلة أ مرتين مقابل كل مرة
ترد فيها التفعيلة ب، كما في المجموعة (ل) التي
تضم القالب 64،
أو نمط 2/2 أي أن ترد التفعيلة أ مرتين وترد
التفعيلة ب مثلها مرتين كما في المجموعة (م) التي
تضم القوالب 65-68،
أو نمط 3/1 أي أن ترد التفعيلة أ ثلاث مرات وترد
التفعيلة ب مرة واحدة كما في المجموعة (ن) التي
تضم القوالب 69-70،
أو نمط 1/3 أي أن ترد التفعيلة أ مرة واحدة وترد
التفعيلة ب ثلاث مرات كما في المجموعة (س)
التي تضم القوالب 71-74.
وربما يتألف القالب العروضي من ثلاث تفعيلات
مختلفة كما في المجموعة (ع) والتي تضم القالب 75.
أما القالب 76 الذي يمثل المجموعة (ف) فهو قالب
شاذ يتألف من ثمانية مقاطع طويلة لا تتخللها أي
مقاطع قصيرة، ولذلك لا يمكن تقسيمه إلى تفعيلات.
وتكثر الزحافات في هذا البحر وقلما يسلم بيت من
أبيات القصيدة التي تنظم علىه من تغيير مقطع أو
مقطعين من مقاطعه إلى مقطع قصير بدلا من الطويل.
وهو بحر ليس له نظير في الشعر العربي لكنه شائع
جدا في الشعر النبطي وقصائد الدحة عادة تنظم عليه.
وفي العصور المتأخرة صار الشعراء ينظمون عليه
مطولات على القافية المربوعة ويسمون هذا النوع من
القصائد "مرجوده"، كناية عن طولها المفرط وتأثيرها
الملحوظ على المستمعين. وعادة ما يلجأ الشعراء
لهذا البحر في قصائد المفاخرات القبلية والنقائض
نظرا لسهولة النظم عليه، مما يسمح للاسترسال في
تعداد مفاخر القبيلة وشيوخها وفرسانها
وانتصاراتها. كما يفضل الشعراء النظم على هذا
البحر في هذه المواضيع بالذات رغبة فيما يحدثه
إلقاء القصائد التي تنظم علىه، وخصوصا إذا كانت
القافية مربوعة، من أثر حماسي على المتلقي.
اكتشافنا لهذه القوالب العروضية في الشعر النبطي
وما يتعلق بها من قواعد وقوانين جاء بناء على
فهمنا لمكونات البنية الإيقاعية في لغة الشعر
النبطي والذي بدوره جاء بناء على فهمنا للبنية
الصوتية في تلك اللغة. ونحن لا ندعي أن المتكلم
حينما يتكلم وفقا للقوانين الصوتية التي بيناها
أعلاه فإنه على وعي بهذه القوانين، ولا ندعي أن
الشاعر حينما ينظم وفقا للقوانين والقوالب
العروضية التي تحدثنا عنها فإنه على وعي بهذه
القوانين وتلك القوالب. معظم الناس ليس على وعي
بالقواعد التي تحكم سلوكهم البشري، بما في ذلك
السلوك اللغوي. وبالمثل فإن الشعراء ليسوا دائما
على وعي بالقواعد العروضية التي تحكم إنتاجهم. هذه
القوانين بنى ذهنية مستترة محفورة في اللاوعي ولا
يمكن الغوص إليها وجذبها لإظهارها على سطح الوعي
إلا عن طريق البحث العلمي والتحليل المنطقي. ولا
نتوقع من شعراء النبط الأميين وأنصاف المتعلمين أن
تكون لديهم المهارة التحليلية والقدرة الذهنية على
تقطيع أبياتهم إلى مقاطع وتفعيلات وتحديد البحور
والأوزان بنفس الطريقة الشكلانية التي يستطيع أن
يبرزها بها الأكاديمي المتخصص. لكن هذا لا يعني
أنه ليس لديهم معارفهم الخاصة في هذا الميدان
ومصطلحاتهم التي ينظمون بها هذه المعارف ويتحدثون
بها عنها، بل إن لهم في حديثهم عن الأوزان الشعرية
والحكم على صحتها مصطلحاتهم التي تختلف عن
مصطلحاتنا ومقاييسهم التي تختلف عن مقاييسنا. فهم
يسمون شطر البيت "فِكّه" والقافية "قاف". ويسمون
القصيدة مزدوجة القافية "مضمومة" ويسمون قافية
الشطر الأول "ناعشة" وقافية الشطر الثاني "قارعة"،
وإذا لم يقفّ الشطر الأول تسمى القصيدة "مهملة".
وإن كان وزن الشطر صحيحا فهو "عَدِل" وإن كان وزنه
غير صحيح فهو "مكسور"، وإن قلت مقاطعه عن العدد
اللازم فهو "قاصر" وإن زادت فهو "طايل". وفي
المجتمعات الشفهية لا توجد إمكانية إبراز الأفكار
وتثبيتها وتوصيلها عن طريق الرموز الكتابية ورسم
الأشكال ولذلك فإن المتحدث الأمي في حديثه عن
الأفكار المجردة دائما ما يلجأ إلى المدركات
الحسية والعالم المادي الملموس لتوضيح فكرته
وتقريبها إلى ذهن السامع وإدراكه. وأقرب الحواس
إلى الشعر هي حاسة السمع التي ترتبط بالإلقاء
والإنشاد والغناء. ولذلك لا يستغرب أن يلجأ شعراء
النبط في حديثهم عن الأوزان الشعرية إلى مصطلحات
موسيقية تتعلق بغناء الشعر وألحانه وإيقاعاته.
حينما يريد الشاعر أن يتأكد من سلامة وزن البيت
فإنه يرفع به عقيرته، يغنيه، لا يقطّعه. وهو لا
يسأل عن بحر القصيدة وإنما عن "شيلة" القصيدة أو
"طَرْق" القصيدة. وكلمة "شيله" مشتقة من "شال"
بمعنى "رفع" وتعبر عن رفع الصوت بالغناء، وكلمة
"طرق" تفيد معنى القرع المتكرر بانتظام، أي
الموقع.
وبدلا من تصنيف القصائد حسب بحورها، كما نفعل نحن
المختصين، يصنف شعراء النبط القصائد حسب الشيله أو
الطرق، أي حسب اللحن الذي يمكن أن تغنى به
القصيدة. ومن الألحان المشهورة الهلالي والمسحوب
والمربوع والصخري والهجيني والسامري والعرضه
والدحه. أربعة الألحان الأولى من ألحان الربابة
والخامس من ألحان الربابة ويمكن أيضا أن يتغنى به
المسافرون على الهجن. ومثلما يتحقق البحر على عدة
أشكال يتحقق اللحن أيضا على عدة أشكال كلها تنضوي
تحت اسم واحد، وإن كانت في الواقع تنتمي في
التصنيف العروضي إلى بحور مختلفة. خذ مثلا لحن
الهجيني الذي يندرج تحته من الأمثلة المثال 23 في
مجموعة (هـ) على بحر الممتد والمثالان 32 و35 من
مجموعة (ز) على بحر البسيط والمثال 47 من مجموعة
(ط) على بحر الرمل. أو خذ لحن العرضة الذي يندرج
تحته من الأمثلة المثالان 20 و21 في مجموعة (هـ)
على بحر الممتد والمثالان 26 و28 من مجموعة (و)
على بحر المديد والمثال 57 من مجموعة (ي) على بحر
الرجز. ويمكن أن نغني القصيدة الواحدة على عدة
ألحان مختلفة، علما بأن البحر واحد. نستطيع مثلا
أن نغني المثال 39 على لحن الصخري أو على لحن
السامري وأن نغني المثال 65 على لحن المسحوب أو
المربوع أو السامري. كل ذلك يوضح أن هذه التصنيفات
الموسيقية لا علاقة لها بالتصنيفات العروضية ولا
تتطابق معها.
أعلي
بحور الشعر النبطي
وبحور الشعر العربي
حينما اكتشف الخليل بن أحمد البنية العروضية للشعر
العربي وضعها لنا على شكل خمس دوائر، كل دائرة تضم
من اثنين إلى تسعة بحور شعرية. يتشكل محيط الدائرة
العروضية من عدد محدد من المقاطع الطويلة والقصيرة
التي تتوالى وتتراكب مع بعضها البعض على هيئة
معينة. وبحور الدائرة الواحدة تربطها مع بعضها
البعض علاقة شكلانية
formal.
فإذا ما بدأنا العد، أو التقطيع، من أي نقطة على
محيط الدائرة العروضية فإننا حينما نعود إلى نفس
النقطة نكون حصلنا على الشكل العروضي لأحد بحور
الدائرة. ويمكننا الحصول على بقية بحور تلك
الدائرة عن طريق تغيير النقطة التي نبدأ منها
التقطيع. ويبلغ مجموع ما تتضمنه الدوائر الخمس من
بحور شعرية اثنين وعشرين بحرا، منها ستة مهملة لم
ينظم عليها شعراء الجاهلية وصدر الإسلام شعرا، لكن
المتأخرين نظموا عليها.
لو قارنا بين بحور الشعر النبطي وبحور الشعر
الفصيح لوجدنا تشابها ملحوظا والذي يمنعنا من أن
نقول تطابقا تاما هو بعض الاختلافات التي مردها
إلى التغيرات الصوتية التي مرت بها لغة الشعر
النبطي وإلى ميلها نحو تنسيق الصيغ العروضية
وتبسيطها. ويشترك الشعر النبطي مع الشعر الفصيح في
تسعة بحور هي:
المتقارب وتمثله المجموعة (أ) في القائمة السابقة.
المتدارك وتمثله المجموعة (ب).
الطويل وتمثله المجموعة (ج).
المديد وتمثله المجموعة (و).
البسيط وتمثله المجموعة (ز).
الهزج وتمثله المجموعة (ح).
الرمل وتمثله المجموعة (ط).
الرجز وتمثله المجموعة (ي).
المجتث وتمثله المجموعة (س).
هذا بالإضافة إلى بحرين من البحور المهملة التي
تنتمي إلى دائرة المختلف والتي لم يجد الخليل بن
أحمد أمثلة لها في الشعر الفصيح وهي:
المستطيل وتمثله المجموعة (د).
والممتد وتمثله المجموعة (هـ).
كل بحر من هذه البحور يتحقق على عدة أشكال في
الشعر الفصيح وفي الشعر النبطي تبعا لما إذا كان
البحر تاما أو مجزوءا أو مشطورا أو منهوكا وتبعا
لما يعترض عروضه وضربه من علل. وتتماثل بعض أشكال
البحر الواحد في هذا الموروث الشعري وذاك بينما
يختلف بعضها الآخر. فلو أخذنا مثلا بحر الرمل الذي
تمثله مجموعة (ط) فإن المثال 47 في هذه المجموعة
يعادل تام الرمل والمثال 43 مجزوء الرمل والمثال
45 أبتر الرمل والمثال 46 محذوف الرمل، أما بقية
الأشكال التي أوردناها من هذا البحر فإنها توجد في
الشعر النبطي ولا توجد في شعر الفصحى مثلما أن
هناك أمثلة منه في شعر الفصحى لم نعثر لها على
نظائر في الشعر النبطي. ولو أخذنا بحر الرجز والذي
تمثله المجموعة (ي) فإن المثال 51 في هذه المجموعة
يعادل مجزوء الرجز والمثال 56 يعادل مقطوع تام
الرجز، أما بقية أشكال هذا البحر فإنها توجد في
الشعر النبطي ولا توجد في الشعر الفصيح. ونلاحظ أن
بعض البحور تتحقق في الشعر النبطي على أشكال أقصر
أو أطول بكثير منها في الشعر الفصيح. ويبدو أن
المحدد الأهم بالنسبة لطول الشطر هو قدرة المؤدي
الجيد على إنشاده دفعة واحدة وفي نَـفَسٍ واحد.
لاحظ أن طول المثال 42 يبلغ عشرين مقطعا بينما لا
يتعدى أطول بيت فصيح 14 مقطعا.
والبحور التي استجدت في الشعر النبطي ولا وجود لها
في الشعر الفصيح هي البحور التي تمثلها المجموعات
(ك)، (ل)، (م)، (س)، (ع)، (ف) وكلها تقع خارج
دوائر الخليل العروضية. هذه المجموعات ترينا إلى
أي حد يمكن أن يصل التعقيد في تركيب التفعيلات
لتوليد القوالب العروضية. هذه الإمكانيات
التركيبية المعقدة هي التي أبقت المجال مفتوحا
أمام التجديد العروضي وسمحت بتوليد بحور وقوالب
عروضية جديدة في الشعر النبطي. وعلى صعيد
الإمكانات النظرية يبقى هناك رصيد ضخم من هذه
القوالب العروضية ذات التركيبات المعقدة التي لم
يوظفها الشعراء بعد. وبعض البحور الطويلة لم
يكتشفها الشعراء ويستخدموها إلا في العصور
المتأخرة، وبعضها نعرف أنه من اختراع شعراء معينين
مثل سليمان ابن شريم وابن دويرج.
إذا هنالك تسعة بحور يشترك فيها الشعر النبطي مع
الشعر الفصيح. وبالمقابل هناك سبعة بحور فصيحة لم
يبق لها أثر في الشعر النبطي. فلا وجود في الشعر
النبطي للبحور الخمسة الفصيحة المتولدة من دائرة
المشتبه وهي السريع والمنسرح والخفيف والمضارع
والمقتضب. وتتميز هذه البحور الخمسة عن بقية
البحور الفصيحة بوجود أربع مقاطع طويلة متوالية.
وفي حديثنا عن تفعيلات الشعر النبطي والمتواليات
الممكنة وغير الممكنة وجدنا أن المتوالية 7/ب + -
+ +/+ + - + غير ممكنة، إذ لا يسمح النظام المقطعي
في عروض الشعر النبطي بتوالي أكثر من ثلاثة مقاطع
بين مقطع قصير وآخر. وتحاشي تتابع مقطعين قصيرين
بجوار بعضهما البعض في لغة الشعر النبطي أدى إلى
هجر بحرين فصيحين هما الوافر الذي من تفعيلاته
مفاعلتن - + - - + والكامل الذي من تفعيلاته
متفاعلن - - + - +، وكلا التفعيلتين تتضمن مقطعين
قصيرين متتاليين.
وسبق أن تحدثنا عن العلل في شعر الفصحى والتي قلنا
إنها لا تصيب إلا العَروض والضرب والتي يلزم
التقيد بها في كل أبيات القصيدة. إضافة إلى العلل
هناك أيضا تغييرات مقطعية تسمى الزحافات تحدث في
حشو الشطر وهي، على خلاف العلل، غير ملزمة، فهي
مجرد رخص شعرية، خيارات حرة لا تغير شيئا في عروض
القصيدة أو بحرها. فقد يحدث الزحاف في حشو الشطر
الأول من أحد أبيات القصيدة دون أن يحدث في الأشطر
الأولى من بقية الأبيات. وبينما لا تخلو قصيدة
عربية من الزحافات نجد أن ورودها في الشعر النبطي
المتأخر نادر ولا يكاد يذكر. والزحافات في الشعر
النبطي أكثر ما تحدث في المقطع الأول من التفعيلة
الأولى في الشطر الذي يمكن حذفه إن كان مقطعا
قصيرا، وهذا يسمى خرما، أو اختزاله إلى مقطع قصير
إن كان طويلا، وهذا يسمى خبنا. والزحافات ظاهرة
عروضية تتواءم مع البنية المقطعية في اللغة الفصحى
لكنها لا تتوافق مع البنية المقطعية في لغة الشعر
النبطي، لأنها تفترض السماح لتتالي مقطعين قصيرين
وتجاورهما، وهذا ممكن في الشعر الفصيح ولكنه غير
ممكن في الشعر النبطي المتأخر. من أمثلة الزحافات
تقليص مقطعين قصيرين إلى مقطع واحد طويل أو حذف
أحدهما أو اختزال مقطع طويل إلى مقطع قصير بجوار
مقطع قصير آخر. ويعود اختفاء الكثير من الزحافات
في الشعر النبطي إلى اندثار البحور والتفعيلات
التي كانت موجودة في الشعر الفصيح لكنها لم تعد
موجودة في الشعر النبطي، كما سبق إيضاحه. ولصياغة
القواعد العروضية التي تخضع لها الزحافات في الشعر
العربي لجأ العروضيون إلى تقسيم التفعيلة إلى
أسباب وأوتاد، وهاتان وحدتا قياس عروضي أصغر من
التفعيلة وأكبر من المقطع. ولكننا نظرا لعدم شيوع
الزحافات في الشعر النبطي المتأخر لا نرى ضرورة
اللجوء إلى الأسباب والأوتاد في تقطيعه وتحديد
أوزانه، وسنكتفي بالحديث عن المقاطع والتفعيلات
والمتواليات.
وتحتل النماذج القديمة من الشعر النبطي موقعا وسطا
من الناحية العروضية بين الشعر الفصيح والشعر
النبطي، وهي بذلك تشكل حلقة الاتصال (أو الانفصام،
إن شئت) بين هذين الموروثين. لقد بلغ مجموع ما قمت
بتقطيعه من نماذج الشعر النبطي القديم 129 قصيدة
عدد أبياتها 5126 بيتا كلها نظمت على بحور الشعر
الفصيحة ما عدا ثلاث قصائـد متبادلة بين جبر بن
سيار في مراسلاته الشعرية مع جبينان ومع خليل بن
عايد التي قيلت على بحر المسحوب. وهكذا نجد أن
النظم على بحر المسحوب كان من أول التغيرات التي
طرأت على عروض الشعر النبطي، وهو بحر مشتق من
الطويل. فلو أننا أخذنا شطرا من الطويل: فعولن/
مفاعيلن/ فعولـن/ مفاعيلن - + +/ - + + +/ - + +/
- + + + وأجرينا عليه زحاف الخرم، وهو حذف المقطع
القصير في بداية الشطر، وكذلك علة الحذف، وهي حذف
آخر مقطع طويل في آخر تفعيلة فإننا نحصل على + +/
- + + +/ - + +/ - + + ثم أعدنا عنقدة المقاطع دون
أي تغيير في عددها وترتيبها لحصلنا على تفعيلات
بحر المسحوب + + - +/ + + - +/ + - + +.
أما ما عدا بحر المسحوب فإن النماذج القديمة من
الشعر النبطي نظمت كلها على بحور الشعر الفصيحة
ولا نجد فيها أي أثر للبحور التي استجدت لاحقا في
الشعر النبطي والتي لم تكن موجودة أصلا في شعر
الفصحى. لكننا أيضا لا نجد في هذه النماذج أي أثر
للبحور الفصيحة التي قلنا إن تفعيلاتها تتضمن
متواليات غير ممكنة في الشعر النبطي مثل بحر
الوافر والكامل والبحور الخمسة المستخرجة من دائرة
المشتبه. ربما يعني ذلك أن البنية المقطعية في
لهجة وسط الجزيرة كانت آنذاك قد تغيرت لدرجة لم
تعد تسمح باستخدام هذه البحور.
وتختلف عروض الشعر النبطي في عصوره المبكرة عما
آلت إليه في العصور المتأخرة من حيث أن المراوحة
بين النطق الفصيح والنطق العامي في القصائد
القديمة جعل توالي مقطعين قصيرين فيها أمرا ممكنا،
لكنها لا تسمح بأكثر من ذلك، وهي بهذا تختلف عن
الشعر الفصيح الذي قد يصل عدد المقاطع القصيرة
المتتالية فيه إلى ثلاث مقاطع. وعلى خلاف الشعر
النبطي المتأخر فإن تتالي المقاطع القصيرة فسح
المجال أمام تفشي الزحافات في الشعر النبطي
القديم، وإن بصورة تختلف بعض الشيء عن زحافات
الشعر الفصيح. وهذا ما سيتضح لنا في الأسطر
التالية.
كما أن من أهم السمات التي تميز الشعر النبطي في
عصوره المتأخرة ازدواج القافية، أي استقلال الشطر
الأول من كل بيت من أبيات القصيدة بقافية يختص بها
وتختلف عن قافية الشطر الثاني، وكذلك التطابق
التام في الوزن بين الشطرين بحيث لا يوجد أي فرق
مقطعي بين آخر تفعيلة في الشطر الأول، العروض،
وآخر تفعيلة في الشطر الثاني، الضرب. أما النماذج
القديمة فإنها تتفق مع شعر الفصحى في الاكتفاء
بقافية واحدة دون وجود قافية للشطر الأول من
البيت، وفي أحيان كثيرة تختلف تفعيلة العروض عن
تفعيلة الضرب بزيادة أو نقص في المقاطع.
أهم البحور التي نظمت عليها قصائد النبط القديمة
بحر الطويل. وعدد القصائد التي قطعتها من هذا
البحر 79 قصيدة عدد أبياتها 3067 بيتا، أي ما
يعادل حوالي 60% من مجموع أبيات الشعر النبطي
القديم، مما يعني احتفاظ البحر الطويل في الشعر
النبطي القديم بنفس الأهمية التي كانت له في الشعر
الفصيح حتى حل محله بحر المسحوب في العصور
المتأخرة. وشعراء النبط المتأخرون يعتبرون بحر
الطويل من أصعب البحور ولا يستطيع النظم عليه إلا
الشعراء الفحول، بل إن لحن الهلالي، وهو اللحن
الذي يغنى عليه بحر الطويل على الربابة، يعد من
أصعب الألحان ولا يجيده إلا المهرة من عازفي هذه
الآلة. وتنعكس صعوبة هذا البحر في الاضطرابات
العروضية التي نلاحظها في القصائد التي نظمت عليه
في الشعر النبطي القديم والحديث على حد سواء. وبحر
الطويل هو البحر الوحيد من بين بحور الشعر النبطي
الذي لا يزال حتى عصرنا هذا يعاني من الزحافات
والعلل التي كادت تختفي من بقية البحور. ويصعب
الحكم أحيانا ما إذا كان الخلل الإيقاعي الذي
نلاحظه على القصائد النبطية المنظومة على بحر
الطويل مرده إلى الزحافات والعلل التي تخضع لنظام
يمكن صياغته على شكل قواعد عروضية أم أن مردها،
بالنسبة للنماذج القديمة، إلى التصحيف والتحريف،
أم أنها، بالنسبة لشعراء النبط المتأخرين،
اضطرابات عشوائية ناجمة عن صعوبة النظم على هذا
البحر وفقدان الحاسة الإيقاعية التي تضبط وزنه.
ومما يزيد المشكلة تعقيدا أن الزحافات والعلل في
الشعر النبطي لا تحكمها نفس القواعد التي تحكم
زحافات الشعر الجاهلي وعلله، مما يعني أن علينا أن
نسعى إلى اكتشاف هذه الزحافات والعلل وبلورة
قواعدها العروضية وصياغتها صياغة منطقية. وفي
تقطيعي لأبيات القصائد النبطية القديمة التي نظمت
على بحر الطويل (وعلى غيره من البحور) اعتبرت أن
أي اضطراب عروضي لا يتكرر حدوثه في أبيات أخرى
مجرد شذوذ أو خطأ لا يدخل في عداد الزحافات والعلل
لأن الزحافات والعلل ظواهر عروضية تتكرر وإن كانت
نسبة التكرار تتفاوت فيما بينها.
وبحر الطويل في الشعر الفصيح له عروض واحدة مقبوضة
(القبض حذف الخامس الساكن) تتحول فيها مفاعيلن - +
+ + إلى مفاعِلن - + - + وثلاثة أضرب هي الصحــيح
مـفاعيـلن - + + + والـمقبوض مـفاعِـلن - + - +
والمحذوف (الحذف حذف سبب خفيف من آخر التفعيلة)
فعولن - + + والزحافات التي يتعرض لها بحر الطويل
في الشعر الفصيح هي:
الخرم (حذف المقطع القصير في بداية الشطر)
- + +
<
+ +
القبض (حذف الخامس الساكن): فعولن
<
فعولُ
- + +
<
- + -
مفاعيلن
<
مفاعِلن
- + + +
<
- + - +
الكف (حذف السابع الساكن): مفاعيلن
<
مفاعيلُ
- + + +
<
- + + -
الثرم (الخرم والقبض معا):
فعولن
<
عولُ/فعْلُ
- + +
<
+ -
أما الزحافات والعلل التي يتعرض لها بحر الطويل في
الشعر النبطي فإنها تختلف عن تلك التي يتعرض لها
في الشعر الفصيح، وهي أكثر تنوعا وتعقيدا. تأتي
ضروب بحر الطويل في الشعر النبطي على وزن فعولن
وعلى وزن مفاعِلن، وهذا هو الغالب، ولم أجد إلا
قصيدة واحدة ضربها على وزن مفاعيلن، وهي قصيدة
السمين في مدح بركات الشريف ومطلعها: لمن طلل بين
الخمائل والخالي. وخلافا لما هو عليه الحال في
الشعر الفصيح يمكن اختزال ضروب بحر الطويل في
الشعر النبطي إلى مجرد مقطع واحد طويل +، كما في
قول رميزان: لمثلك في ترك الجواب جواب// كذلك في
ترك العتاب عتاب؛ أو قول أحمد الوايلي: على الناس
دالوب الزمان يدير// وخيل الليالي بالفجات تغير.
أما العروض فإنها قد تأتي متطابقة في شكلها مع هذه
الأضرب وقد تأتي على أشكال أخرى مثل فاعِلن + - +
كما في قول عبدالرحيم المطوع: خليلي إلى شافن
تبسّم واستحى// ويضفي على الوجه السميح غطاه؛ ومثل
فاعلْ + + كما في قول جري الجنوبي: وتلقى بها راعى
الذوابه جالس// حم الاشافي في وجانه نيل. ويتفق
الشعر النبطي مع الشعر الفصيح في أنه يلزم التقيد
بنفس التفعيلة في ضرب القصيدة من أول بيت فيها حتى
آخر بيت، بينما يختلف عنه في أنه يمكن للعروض في
القصيدة الواحدة أن تتغير وتتخذ أيا من الأشكال
الستة التي ذكرناها.
هذا ما يحدث بالنسبة لما تتعرض له التفعيلة
مفاعيلن من زحافات وعلل حينما تحتل موقع العروض أو
الضرب، أي الموقع الرابع في آخر الشطر. أما
مفاعيلن التي تحتل الموقع الثاني فإنها قد ترد
صحيحة - + + + وقد تختصر إلى + + +، وهذا شكل من
الزحاف لا نظير له في الشعر الفصيح.
وتفعيلة فعولن التي تحتل الموقع الثالث قبل العروض
أو الضرب يمكن أن تأتي صحيحة - + + أو مقبوضة
فعولُ - + -. أما فعولن التي تأتي في بداية الشطر
قد تأتي صحيحة - + + وقد تأتي مخرومة + + وقد تأتي
مقبوضة - + - وقد تختزل إلى - +، وهذا أيضا شكل من
الزحاف لا نظير له في الشعر الفصيح. وإذا كان
العروض أو الضرب مختزلا على شكل مقطع واحد طويل +
يمكن أن تأتي فعولن التي قبلها على شكل مفاعلُ - +
- -، وهذا أيضا شكل من الزحاف لا نظير له في الشعر
الفصيح. وقبض فعولن سواء في موقعها الأول قبل
مفاعيلن أو في موقعها الثالث قبل العروض أو الضرب
مفاعيلن أو فعولن أو مفاعلن يؤدي إلى تتالي مقطعين
قصيرين. وإذا أخذنا في الحسبان كل هذه الإمكانيات
الزحافية التي تؤدي إلى توالي مقطعين قصيرين في
بحر الطويل وحصرنا متوالياتها المحتملة الحدوث
فإننا نحصل على هذه الأشكال:
- + -/- + + +
- + -/- + +
- + -/- + - +
- + - -/+
وتتالي مقطعين قصيرين يأتي إما نتيجة النطق الفصيح
للكلمات التي يقع عليها الزحاف أو نتيجة وجود مقطع
مذال قبل المقطع القصير. فلو تفحصنا مثلا قصيدة
عامر السمين في مدح بركات الشريف لوجدنا أن النطق
الفصيح للكلمات يعني تقطيع بعض أشطر القصيدة بشكل
يؤدي إلى توالي مقطعين قصيرين مثل نطق كلمة طَلَلٍ
وكلمة الخمائِلِ في قوله: لمن طَلَلٍ بين
الخمائِلِ والخالي، والتي نقطعها هكذا - + -/- + +
+/ - + -/- + + + أو نطق كلمة حَسَنٍ وكلمة
الكواكِبِ في قوله: بنو حَسَنٍ مثلُ الكواكِبِ إن
بدت والتي نقطعها هكذا - + -/- + + +/ - + -/- + -
+، أو قوله: ولا حَسَبٌ إلا وأنتَ لَهُ والي، أو
قوله: رَحَلْنَ وَخَلَّفْنَ الهمومَ على بالي. ومن
الأمثلة على إذالة المقطع الطويل كلمة قلاه وكلمة
الإله في قول ابن رشش: صدود الفتى عن من قلاهْ
خَيار// ولا عن مقادير الإلهْ فَرار، والتي نقطعها
هكذا - + +/- + + +/- + - -/+. وأحيانا يتردد
الباحث بين اعتبار أن توالي المقطعين القصيرين جاء
نتيجة الإذالة أو نتيجة النطق الفصيح. ففي الأمثلة
التي أوردناها من قصيدة السمين لا مجال فيها
للتردد ولا بد من نطق الكلمات المشار إليها نطقا
فصيحا لكن المثال الذي أخذناه من قصيدة ابن رشش
يمكن أن نرد توالي المقطعين القصيرين فيه إلى
النطق الفصيح للكلمتين المشار إليهما لكنني آثرت
أن أرده إلى الإذالة لأن جو القصيدة العام عامي قح
ونطقها مغرق في العامية التي يغلب فيها التسكين.
بل إننا أحيانا نتردد أثناء التقطيع بين الإذالة
وبين النطق الفصيح اللذين يؤدي أي منهما إلى تتالي
مقطعين قصيرين وبين النطق العامي الذي يدمج
المقطعين القصيرين في مقطع واحد طويل وفق القواعد
الصوتية التي سبق شرحها. خذ مثلا مطلع قصيدة
لرميزان الذي يقول: لمثلك في ترك الجواب
جواب//كذلك في ترك العتاب عتاب. يمكننا أن ننطق
نطقا فصيحا الكلمة الأولى في الشطر الأول بتحريك
الكاف هكذا: لِمِثْلِكَ، والكلمة الأولى في الشطر
الثاني أيضا بفتح الكاف هكذا: كذلكَ، مما ينتج عنه
توالي مقطعين قصيرين في بداية الشطر. كما يمكننا
أن ننطق كلمة الجواب في الشطر الأول وكلمة العتاب
في الشطر الثاني نطقا فصيحا بفتح الباء أو مذالا
بتسكينها مع فتح جيم جواب وكسر عين عتاب لنحصل في
أي الحالتين على مقطعين قصيرين. وبناء على ذلك
يصبح تقطيع الشطرين هكذا: - + -/- + + +/- + -
-/+. لكن لو لجأنا للنطق العامي وسكنّا الكاف
الأخيرة في لمثلك وفي كذلك ثم أسقطنا كسرة عين
عتاب وسكنّاها حسب النطق العامي وألحقناها بالحرف
الأخير من الكلمة التي قبلها لتشكل معها مقطع طويل
فإن تقطيع الشطر الأول من البيـت يصبح: - + +/+ +
+/- + - -/+ وتقطيع الشطر الثاني يصبح - + +/+ +
+/- + +/+. ولا نستطيع أن ندمج المقطعين القصيرين
في نهاية الشطر الأول في مقطع واحد طويل لأن النطق
العامي لا يجيز حذف فتحة الجيم من كلمة جواب
وتسكينها (للمزيد من الإيضاح حول هذه المسألة انظر
ما ذكرناه عن حذف حركة الفتحة والكسرة). وهكذا
نحصل في بداية الشطر على المتوالية - + -/- + + +
حسب النطق الفصيح وعلى المتوالية - + +/+ + + حسب
النطق العامي. أي أن الخيار بين النطق الفصيح
والنطق العامي يعني عروضيا الخيار بين أن نجري
الزحاف على فعولن وتبقى مفاعيلن صحيحة أو أن تبقى
فعولن صحيحة ونجري الزحاف على مفاعيلن. هذا في
بداية الشطر أما في نهاية الشطر فإن الخيار بين
النطق الفصيح والنطق العامي يعني عروضيـا الخيـار
بين - + - -/+ أو - + +/+. ويمكننا أن نقول بعبارة
أخرى إن الخيار بين النطق الفصيح والنطق العامي
يعني عروضيا الخيار بين توالي مقطعين قصيرين أو
دمجهما في مقطع واحد طويل. والشرط الذي يقيد فك
المقطع الطويل وتجزئته إلى مقطعين قصيرين هو أن لا
يحدث ذلك بجوار مقطع قصير حتى لا ينتج عن ذلك
توالي ثلاث مقاطع قصيرة. وسوف يتضح لنا في الأسطر
اللاحقة أن ما ينطبق بهذا الخصوص على بحر الطويل
ينطبق على البحور الأخرى.
وعدد القصائد التي قطعتها من بحر الرجز 26 قصيدة
عدد أبياتها 1202 بيتا، وهي بذلك تشكل نسبة أكثر
من 20% من مجموع أبيات الشعر النبطي القديم. هذا
يعني أن 80% من أبيات هذا التراث الشعري نظمت على
بحري الطويل والرجز. ويرد بحر الرجز في شعر الفصحى
تاما ومجزوءا ومشطورا ومنهوكا لكن النماذج التي
عثرنا عليها له في الشعر النبطي القديم أتت تامة.
ووجدنا أن التفعيلة الأخيرة من الشطر في هذه
النماذج يمكن أن تكون صحيحة + + - + ويمكن أن تكون
مقطوعة + + +، وهي بذلك تتفق مع الفصيح، لكنها
يمكن أيضا أن تتقلص إلى مقطعين طويلين فقط + + كما
في قصيدة رميزان التي مطلعها: زارت وكل العالمين
هجوع// من لا اهتنا بوصالها ممنوع. وزحافات الرجز
في الفصحى هي:
الخبن ( حذف الثاني الساكن):
مستفعلن
<
متفعلن
+ + - +
<
- + - +
الطي (حذف الرابع الساكن): مستفعلن
<
مستعلن
+ + - +
<
+ - - +
الخبل (خبن مع طي):
مستفعلن
<
متعلن
+ + - +
<
- - - +
أما زحافاته في الشعر النبطي القديم فهي تتمثل فقط
فيما يحدث جراء المراوحة بين النطق العامي والنطق
الفصيح من تحويل المقطع الأول الطويل في مستفعلن،
سواء كانت سالمة + + - + أو مقطوعة + + +، إلى
مقطع واحد قصير، وهو ما يسمى الخبن، أو تحويله إلى
مقطعين قصيرين، وهذا هو الغالب، وهو نوع من الزحاف
لا وجود له في الشعر الفصيح. وقلب المقطع الطويل
إلى مقطعين قصيرين قد يطال أحد تفعيلات الشطر
وربما طالها كلها كما في قول أبي حمزة العامري:
سَمَح الزمانُ لنا بِطيبِ وِصالِها، بل ربما طال
تفعيلات البيت بالكامل كما في قول عامر السمين:
وَمِن الجيادِ صَرايِـعٍ وَقـَلايِـعٍ// ومن
الكُماةِ مُجَنْدَلٍ وَمُكَلَّمِ. وفتح التاء حسب
النطق الفصيح يؤدي إلى إجراء الزحافات في تفعيلات
البيت بالكامل بينما تسكينها حسب النطق العامي
يلغي هذه الزحافات في قول عامر السمين: متباعدٍ
متقاربٍ متقاصرٍ// متطاولٍ متقدّمٍ متأخّر.
وعدد القصائد التي قطعتها من بحر الهزج 8 قصائد
عدد أبياتها 310 أبيات. ويرد بحر الهزج في الشعر
الفصيح تاما مفاعيلن/ مفاعيلن/ مفاعيلن/ ومجزوءا
مفاعيلن/ مفاعيلن، وقد ترد التفعيلة الأخيرة منه
صحيحة - + + + وقد ترد محذوفة - + + (الحذف حذف
سبب خفيف من آخر التفعيلة). أما في الشعر النبطي
القديم فإن جميع ما ورد فيه من قصائد على بحر
الهزج كلها وردت تامة إلا أن تفعيلة الشطر الأخيرة
فيها لم ترد صحيحة بل وردت في كل القصائد محذوفة.
والزحافات التي تطرأ على بحر الهزج في الشعر
الفصيح هى:
القبض (حذف الخامس الساكن):
مفاعيلن
<
مفاعلن
- + + +
<
- + - +
الكف (حذف السابع الساكن):
مفاعيلن
<
مفاعيلُ
- + + +
<
- + + -
الخرم (حذف الميم من مفاعيلن):
مفاعيلن
<
فاعيلن/مفعولن
- + + +
<
+ + +
الخرب (حذف الميم والنون من مفاعيلن): مفاعيلن
<
فاعيلُ/مفعولُ
- + + +
<
+ + -
الشتر (حذف الميم والياء من مفاعيلن): مفاعيلن
<
فاعلن
- + + +
<
+ - +
أما في القصائد النبطية القديمة فإن الزحاف الوحيد
الذي يطرأ على بحر الهزج يتمثل فقط فيما يحدث جراء
المراوحة بين النطق العامي والنطق الفصيح من تغير
مفاعيلن - + + + إلى - + - +، وهو ما يسمى القبض،
أو إلى - + - - +، وهذا هو الغالب. ومن الأمثلة
على ذلك هذه الأبيات الثلاثة من قصيدة جعيثن
اليزيدي التي يمدح بها أمير منفوحة عبدالمحسن بن
سعيد:
وأَشْرَفُها وأَرْفَعُها جدودٌ
// وأعْرَفُها بحالات الرجالِ
وأصدَقُها وأوكَدُها وعودٌ //
وأبذلَُها وأجْزَلُها نوال
وأَرْشَدُها وأَوْكَدُها كلامٌ
// وَأَبْعَدُها عن ادناس الخمال
ولا يرد على بحر الرمل في الشعر النبطي القديم إلا
قصيدتان في 78 بيتا كلاهما لابن بسام إحداهما تامة
عروضها وضربها صحيحان فاعلاتن/ فاعلاتن/ فاعلاتن
والأخرى تامة عروضها وضربها مقصوران فاعلاتن/
فاعلاتن/ فاعلان. وزحافات الرمل في الشعر الفصيح
هي:
خبن (حذف الثاني الساكن): فاعلاتن
<
فعِلاتن
+ - + +
<
- - + +
كف (حذف السابع الساكن): فاعلاتن
<
فاعلاتُ
+ - + +
<
+ - + -
أما في قصيدتي ابن بسام النبطيتين فقد لاحظنا أن
فاعلاتن + - + + تتغير أحيانا إلى + -
+ -، وهو ما يسمى الكف، أو إلى + - + - -، وهو
الغالب.
وعدد القصائد التي قطعتها من بحر البسيط 11 قصيدة
عدد أبياتها 382 بيتا. ويرد البسيط في الشعر
النبطي والفصيح تاما مستفعلن/فاعلن/مستفعلن/فاعلن
أو مجزوءا مستفعلن/فاعلن/مستفعلن، وتفعيلة العروض
والضرب في تامـه قد ترد مخبونـة - - + أو مقطوعـة
+ +. ومجزوء البسيط في الشعر النبطي تأتي ضروبه
مرفّلة (الترفيل زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد
مقرون) فتتحول من مستفعلن + + - + إلى مستفعلاتن +
+ - + +، كما في قول ابن بسام: بنيت انا للغضي
بستان الافراح// عَلْيَت مبانيه من حيطان ولياح،
أو قول عثمان بن نحيط راعي القارة مخاطبا أخاه
فايز: ما عن مقادير وال العرش منجاة// من كل حيٍّ
على الدنيا ومن مات. وزحافات بحر البسيط في الشعر
الفصيح هي:
الخبن: مستفعلن
<
متفعلن/مفاعلن
+ + - +
<
- + - +
فاعلن
<
فعِلن
+ - +
<
- - +
الطي: مستفعلن
<
مستعلن/مفتعلن
+ + - +
<
+ - - +
الخبل: مستفعلن
<
متعلن
+ + - +
<
- - - +
أما في الشعر النبطي القديم فإن الزحاف الوحيد
الذي يطرأ على بحر البسيط هو الخبن، أي تحويل
المقطع الأول في فاعلن + - + من مقطع طويل إلى
مقطع قصير - - +.
وقصيدة ابن بسام التي يمدح بها علي بن هزاع بن
حميد جاءت على بحر المتقارب في 31 بيتا عروضها
وضربها محذوفان فعولن/ فعولن/ فعولن/ فَعَلْ.
والزحاف الوحيد الذي جاء في هذه القصيدة هو القبض،
أي تحويل فعولن - + + إلى فعولُ - + -. بينما تأتي
زحافاته في الشعر الفصيح على النحو التالي:
القبض (حذف الخامس الساكن): فعولن
<
فعولُ - + +
<
- + -
الخرم: فعولن
<
عولن/فعْلن
- + +
<
+ +
الثرم (الخرم والقبض): فعولن
<
فعْلُ
- + +
<
+ -
وهناك قصيدتان متبادلاتان بين جبر بن سيار وابن
دواس على بحر المتدارك التام مجموع أبياتهما 56
بيتا جاءت العروض فيهما صحيحة فاعلن + - + والضرب
مقطوع فاعل + + وهما خاليتان من الزحافات علما بأن
زحافات المتدارك في الشعر الفصيح هي:
القطع (حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله):
فاعلن <
فاعلْ
+ - +
<
+ +
الخبن (حذف الثاني الساكن): فاعلن
<
فَعِلن
+ - +
<
- - +
الإضمار بعد الخبن: فَعِلن
<
فَعْلن
- - + <
+ +
أعلي